كشف المشكل في النحو،

علي بن سليمان حيدرة (المتوفى: 602 هـ)

باب الحال

صفحة 145 - الجزء 1

  وأما الممتنع فإنه متى كان في العامل في الحال معنى فعل لم يجز تقديمه على العامل لأنه غير متصرف، وإذا لم يتصرف في نفسه فأحرى أن لا يتصرف في معموله، وذلك مثل قولك: هذا زيد، واقفًا، وهذا واقفًا زيد فهذان وجهان جائزان فإن اعتقدت أن العامل في الحال ما في (ها) مِنْ معنى التنبيه جاز وجه ثالث وهو قولك: ها واقفًا ذا زيد، فأما واقفًا هذا زيد فممتنع كذلك حكم الظرف والحرف المتعلقين بالمحذوف. وفي تقديم الحال من المجرور عليه خلاف، منهم من يجره، ومنهم من يمنع منه، وأحسنُ ما في ذلك - والله أعلم - أن صاحب الحال. متي الجار له متعلقا بمحذوف، كأن يكون خبرًا، أو صفة، أو صلة، أو حالاً لم يجز تقديم الحال عليه لأنه هو العامل، وهو غير متصرف، فيجوز: زيد في الدار مقيمًا، ولا يجوز: زيد مقيمًا في داره ومتى كان الجار لصاحب الحال متعلقًا بموجود، وما هو في حكم الموجود جاز تقديم الحال عليه، لأن العامل فيه الفعل دون الجار وهو منصوب فيجوز مررتُ بزيد، واقفًا، ومررتُ واقفًا، بزيد وواقفًا مررتُ بزيد، قال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ}⁣[سبأ: ٢٨]؛ فكافة حال من الناس لأن اللام متعلقة بأرسلناك، ومثله قول الشاعر: (طويل)

  لأن كان برد الماء حران صادِيًا ... إلي حبيبًا إنّها لحبيب⁣(⁣١)

  فحران صاديًا حال من الياء في إليَّ مقدم لأنه متعلق بقوله: حبيبًا، وافهم ذلك وفقك الله للصواب.

  فصل: وأما الذي يجوز أن يكون حالاً فثمانية أشياء: أسماء الفاعلين مثل: جاء زيد راكبًا، وأسماء المفعولين مثل: جيء بزيد محمولاً، والفعل المستقبل مثل: جاء زيد يحضر، أي: محضرًا، قال سبحانه {وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ ٦}⁣[المدثر] أي: مستكثرا والفعل الماضي، مثل: جاء زيد قد ركب أي راكبًا، قال الله تعالى: {أَوْ


(١) البيت منسوب لعروة بن حزام انظر: الشعر والشعراء: ٦٢٣.