كشف المشكل في النحو،

علي بن سليمان حيدرة (المتوفى: 602 هـ)

باب التمييز

صفحة 147 - الجزء 1

  وملائكته وكتبه ورسله عليك شهيدًا، قال الشاعر: (وافر)

  إذا لاقيت قومي فاسأليهم ... كفى قوم بصاحبهم خبيرا⁣(⁣١)

  ولم يقل خبرًا. وكان جنسًا لأنه في المعنى هو المميز، ولا تميز إلا الذوات الجامدة. ولأنه يختص بالشياع وهو يكون للأجناس خاصة، ولذلك كان نكرة أيضًا. وقلنا: يُسأل عنه بمه لأنها أليق كَلِم الاستفهام به لوقوعها على جملة الشيء المسئول عنه ألا ترى أن قائلاً يقول: عِندي أحد عشر فيقال له: مه، فيقول: رجلاً، أو من الرجال، ولو قال: كيف؟ لسأل عن حاله دون ذاته، أو قال: كم؟ يُسأل عن عدد، أو مَنْ؟ لخصَّ من يعقل، وقس على ذلك. وأجيب عنه بمن لأن معناها بيان الجنس في أحد أقسامها، والتمييز جنس فاعرف ذلك.

  فصل: وأما على كم ينقسم المميز؟ فهو ينقسم على خمسة أضرب: معدود ومكيل، وموزون، وممسوح، أو مقدر بالممسوح. فجل المعدود يكون من أحد عشر إلى تسعة وتسعين على حد قوله تعالى {أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا}⁣[يوسف: ٤]، و {اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا}⁣[البقرة: ٦٠] {ثَلَاثِينَ لَيْلَةً}⁣[الأعراف: ١٤٢]، {أَرْبَعِينَ لَيْلَةً}⁣[البقرة: ٥١]، و {إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا}⁣[الأعراف: ١٤٢]، {وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا}⁣[الأعراف: ١٥٥]، ومنه: {سَبْعُونَ ذِرَاعًا}⁣[الحاقة: ٣٢]، و {تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً}⁣[ص: ٢٣]، وما أشبه ذلك. والمكيل نحو قولك: عندي مُد برا، وقفيز تمرًا، وصاح زبيبًا، وما أشبه ذلك. فإذا قلت ثلاثة أصواع برا، وأحد عشر قفيزا تمرًا صار معدودًا. والموزون مثل قولك: لي رطل زيتًا، وأوقية ذهبًا، ومَنْ حريرا. والممسوح مثل قولهم ما في السماء موضع إهاب خاليا، وما في الثوب قدر راحة طاهرًا، أي: مقدار ذلك، أو مساحته، وذلك أنه يُقدر بالذرع وما يجري مجراه. والمقدر بالممسوح قولك: على التمرة ومثلها زُبدا، وعلى الجبل مثله


(١) البيت منسوب إلى جشامة بن قيس انظر: شرح ديوان الحماسة للمرزوقي: ٤/ ١٦٣١.