كشف المشكل في النحو،

علي بن سليمان حيدرة (المتوفى: 602 هـ)

باب التمييز

صفحة 148 - الجزء 1

  جليدًا، أو بردًا، وألحقوا به قولهم عليه شعر كلبين ذنبًا، وجبال أحد ذنبًا، وقولهم: لله دره فارسا، وتصبب بدنه عرقًا. وقد يجوز أن يلحق هذا بالممسوح لأنهما جميعًا يكونان بالمشتق ولذلك قلنا: غالبًا في أول الباب عندما شرطنا أن يكون جنسًا احترازا من المشتق، في الممسوح، فافهم ذلك. وهذا المشتق يجوز أن يكون نعتًا لتمييز محذوف تقديره: لله دره رجلاً فارسا، وما في السماء موضع إهاب مكانًا خاليًا، وكفى بالله ربًّا شهيدًا.

  فصل: وأما بعد كم يقع التمييز؟ فيقع بعد خمسة أشياء: بعد النون، وبعد التنوين، وبعد نية التنوين وبعد الفعل والفاعل، وبعد المُضاف والمضاف إليه، مثاله بعد النون قولك: عندي عصوان عوسجًا، وبابان، ساجًا وعشرون رجلاً. قال الشاعر: (وافر)

  إذا عاش الفتى مائتين عاما ... فقد ذهب البشاشة والفتاءُ⁣(⁣١)

  ومثله قول الخرنق: (كامل)

  النازلين بكلّ مُعْتَرك ... والطيبون معَاقِ د الأزرِ

  ذكر بعضهم أن معاقد منصوب على التمييز بعد النون، والأجود أن عندي يكون منصوبًا لحلوله محل الظرف؛ لأنه أراد طيب مواضع المعاقد لا المعاقد نفسها، ووجه آخر وهو أن المعاقد جمع مضاف، والتمييز من شرطه الإفراد. مثاله بعد التنوين قولك: عندي رطل زيتا وجبة خزا، وخاتم ذهبًا، وباب ساجًا، وثلاثةُ أثوابًا، ومثاله بعد نية التنوين وهي أبدًا تكون في نوعين:

  أحدهما: المركبات من أحد عشر إلى تسعة عشر؛ لأن أصله واحد وعشرة فركبته ونويت التنوين.

  والثاني: في أفعل الذي لا يتصرف، مثال الأول: أحد عشر رجلاً، وتسع عشرة جارية ومثال الثاني قولك: «أنا أكرمُ مِنك أبًا»، وفي التنزيل: {أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ


(١) البيت منسوب إلى الربيع بن ضبع الفزاري انظر: الكتاب: ١/ ١٠٦، ٢٩٣.