كشف المشكل في النحو،

علي بن سليمان حيدرة (المتوفى: 602 هـ)

باب النداء

صفحة 163 - الجزء 1

  أقبلت عليه، قال الله تعالى: {يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ}⁣[سبأ: ١٠]، و {يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي}⁣[هود: ٤٤].

  فالمفرد المعرفة يخرج على ضربين أحدهما: معرف بالألف واللام، كالرجل والغُلام، فهذا ونحوه لا ينادى إلا بأي وها التنبيه غالبًا، مثل: يا أيها الرجل، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ}⁣[الانفطار: ٦]، و {يَا أَيُّهَا النَّاسُ}⁣[البقرة: ٢١]، و {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ١}⁣[الكافرون]، وقلنا: غالبًا احترازًا من كلمة واحدة وهي قولهم: يا الله اغفر لنا، ولا يجوز إلا في اسم الله وحده، ولو قلت يا الرحمن، وما أشبهه لم يجز، وإنما جاز في اسم الله وحده ø - لأمرين أحدهما: كثرة الاستعمال، والثاني: أنها أعني لام التعريف صارت كالعوض من الهمزة المحذوفة لأن أصله إله. وربما أبدلوا أيضًا في اسم الله وحده الميم شديدة من حرف النداء فقالوا: اللهم، قال الله تعالى: {قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ}⁣[الزمر: ٤٦]، {اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ}⁣[آل عمران: ٢٦]، ولا يجوز الجمع بينهما إلا ضرورة في الشعر كما قيل:

  سبحت أو هَلَّلتِ يا اللهُمَّ مَا⁣(⁣١)

  فهذا أحد ضربي المعرفة المفردة من الإضافة.

  والضرب الثاني: معرفةٌ عَلَمٌ، وهو ينقسم على أربعة أضرب: أحدها: الذي قدمنا وهو: يا زيد ويا عمرو والثاني: المرخّم، والترخيم قطع حرف من آخر الكلمة إذا كانت رباعية فما فوق الرباعي، وللعرب في الترخيم مذهبان: منهم من يتركه على حركته ويبنيه على لفظه فيقول: يا حار ويا جاب في حارث وجابر، وقد قُرئ: {يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ}⁣[الزخرف: ٧٧] بكسر اللام قال كثير: (بسيط)

  يا حار لا أرمين منكم بداهية ... لم يلقها سوقة قبلي ولا ملك⁣(⁣٢)


(١) البيت غير منسوب انظر الجمل للزجاجي: ١٧٧.

(٢) البيت لزهير، انظر: ديوان زهير: ١٨٠.