باب النداء
  أقبلت عليه، قال الله تعالى: {يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ}[سبأ: ١٠]، و {يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي}[هود: ٤٤].
  فالمفرد المعرفة يخرج على ضربين أحدهما: معرف بالألف واللام، كالرجل والغُلام، فهذا ونحوه لا ينادى إلا بأي وها التنبيه غالبًا، مثل: يا أيها الرجل، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ}[الانفطار: ٦]، و {يَا أَيُّهَا النَّاسُ}[البقرة: ٢١]، و {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ١}[الكافرون]، وقلنا: غالبًا احترازًا من كلمة واحدة وهي قولهم: يا الله اغفر لنا، ولا يجوز إلا في اسم الله وحده، ولو قلت يا الرحمن، وما أشبهه لم يجز، وإنما جاز في اسم الله وحده ø - لأمرين أحدهما: كثرة الاستعمال، والثاني: أنها أعني لام التعريف صارت كالعوض من الهمزة المحذوفة لأن أصله إله. وربما أبدلوا أيضًا في اسم الله وحده الميم شديدة من حرف النداء فقالوا: اللهم، قال الله تعالى: {قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ}[الزمر: ٤٦]، {اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ}[آل عمران: ٢٦]، ولا يجوز الجمع بينهما إلا ضرورة في الشعر كما قيل:
  سبحت أو هَلَّلتِ يا اللهُمَّ مَا(١)
  فهذا أحد ضربي المعرفة المفردة من الإضافة.
  والضرب الثاني: معرفةٌ عَلَمٌ، وهو ينقسم على أربعة أضرب: أحدها: الذي قدمنا وهو: يا زيد ويا عمرو والثاني: المرخّم، والترخيم قطع حرف من آخر الكلمة إذا كانت رباعية فما فوق الرباعي، وللعرب في الترخيم مذهبان: منهم من يتركه على حركته ويبنيه على لفظه فيقول: يا حار ويا جاب في حارث وجابر، وقد قُرئ: {يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ}[الزخرف: ٧٧] بكسر اللام قال كثير: (بسيط)
  يا حار لا أرمين منكم بداهية ... لم يلقها سوقة قبلي ولا ملك(٢)
(١) البيت غير منسوب انظر الجمل للزجاجي: ١٧٧.
(٢) البيت لزهير، انظر: ديوان زهير: ١٨٠.