باب النداء
  وقال عُمرُ حين طعنه العلجُ: يا لله وللمسلمين للعلج.
  فصل: وأحكام النّداء ثلاثة أقسام: واجب، وجائز، وممتنع.
  فالواجب أنك متى أتبعت المنادى المفرد تابعًا مُضافًا مِن نعتِ، أو تأكيد، أو عطف، أو بدل وَجَبَ نصب التابع، فقلت: يا زيد صاحبَ الخُلق الجميل، ويا عمرُو نفسه، ويا محمد وعبد الله، أقبلا ويا زيد أخانا أقبل ومتى أتبعت المُضاف مضافًا، أو مفردًا نصبته ما خلا العطف بالمفرد، فقلت في النعت: يا عبد الله صاحب القوم الظريف، وفي التأكيد يا تيم عدي كلكم أجمعين وفي البدل: يا أبا القاسم زيدًا، ويا أخوينا زيدًا وعمرًا أقبلا، وإن شئت جعلت هذا عطف بيان، فإن عطفت مُضافًا قلت: يا عبد الله وأبا القاسم فأمَّا إذا عطفت مفردًا بنيته على الضم لأنه بمنزلة نداء فقلت: يا عبد الله زيد، كأنك قلت: ويا زيد.
  وأما الجائز: فإنَّك متى نعت المفرد، أو أكدته بمفرد جاز رفعه على لفظ المنادى وجاز نصبه على موضعه، لأن موضع كل منادى النصب لأنه مفعول في المعنى، مثال النعت يا زيد الظريف والظريف، قال جرير في النصب:
  فما كعب بن مامة وابن سعدى ... بأجود منك يا عمر الجوادا(١)
  ومثال التأكيد يا تميم أجمعون وأجمعين. وكذلك إذا عطفت ما فيه الألف واللام جاز فيه الوجهان، تقول: يا زيد والرجل والرجلُ، قال الشاعر: (وافر)
  ألا يا زيد والضّحاكَ سِيرا ... فقد جاوزتما خَمَر الطريق(٢)
  يروى بنصب الضحاك ورفعه. وإذا اضطر شاعر إلى تنوين مفرد جاز له تنوينه بالرفع على اللفظ وهو مذهب الخليل، وبالنصب على الأصل، وهو مذهب عمرو بن العلاء، قال الشاعر: (وافر)
  سلام الله يا مطرٌ عَليْها ... وليس عليك يا مَطَرُ السلام(٣)
(١) انظر: ديوانه: ١٠٧.
(٢) البيت غير منسوب انظر الجمل للزجاجي: ١٦٥.
(٣) البيت للأحوص الأنصاري انظر: الكتاب: ١/ ٣١٣.