كشف المشكل في النحو،

علي بن سليمان حيدرة (المتوفى: 602 هـ)

باب النداء

صفحة 166 - الجزء 1

  روي بنصب الأول ورفعه ومثله قول الأسود بن عفار الجدشي: (بسيط)

  ذُوقي لبغيك يا طسم مجللةً ... فقد أتيت لعمري أعجب العجب⁣(⁣١)

  يروى بنصب مطر، ورفعه وكذلك البيت الثاني. ويجوز حذف حرف النداء غالبًا، قال الله تعالى: {يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا}⁣[يوسف: ٢٩]، و {اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا}⁣[سبأ: ١٣]، وقال الشاعر: (كامل)

  فندلا زريق المال ندل الثعالب

  وأما الممتنع: فهو ضد الأحكام الواجبة، وحذف حرف النداء من النكرة مقصودة وغير مقصودة، نحو أن تقول في يا رجل، ويا رجلاً من أهل العراق: رجلُ أقبل، ورجلاً من أهل العراق أقبل، وقد جاء في المثل: (أطرق كَرَا إِنَّ النعامة في القُرى)، و (افتد مخنوق)، أي: يا كرى ويا مخنوق. فإن الأمثال موضوعة على ما سمعت عليه لا يجوز تبديلها سواء أصابت حقيقة الأصل أو أخرجت عنها، ألا ترى أنهم قالوا في المثل: (أساء سمعا فأساء إجابة) بفتح الهمزة من أجابه، وذلك غير جائز في غير المثل فعلى لا يُقاس على أطرق كَرَا لأنَّه مثل، وقد عيب على امرئ القيس قوله: (كامل)

  لعمري لسعد بن الرباب إذا عدا ... أحب إلينا منك فا فرس حَمِرْ⁣(⁣٢)

  أراد يا فرس فحذف حرف النداء من المُبهم نحو أن تقول في يا هذا أقبل: هذا أقبل، وقد عِيبَ على المتنبي قوله:

  هَذِي برزت لنا فهجت رَسيا ... ثم انثنيت وما شفيت نسيا⁣(⁣٣)

  فحذف حرف النداء من هذي وهو غير جائز عند أحد من النحويين، فافهم ذلك، وقس عليه تصب إن شاء الله تعالى.


(١) انظر: الأغاني: ١٠/ ٤٧.

(٢) انظر: ديوانه: ١١٣.

(٣) انظر: شرح ديوان المتنبي للبرقوقي: ١/ ٣٨٢.