كشف المشكل في النحو،

علي بن سليمان حيدرة (المتوفى: 602 هـ)

باب الحروف التي تنصب الفعل المستقبل

صفحة 169 - الجزء 1

  ضرورة تشبيها بلم، لأنها نقيضها كما قال بعضهم: (طويل)

  إذا جادت الدنيا عليك فجد بِهَا ... عَلَى أهلها من قبل أن تنفلت⁣(⁣١)

  والقوافي مكسورة بدليل قوله:

  فلا شرها شر إذا هي أقبلت ... ولا خيرها خير إذا تولتِ

  وهذا كله كلام على أن.

  فأما لن، وكي، ولام، الغرض، فإنَّها أبدًا تكون عاملة على كل حال لا يمنعها شيء من العمل، ولا يخرجُ إلى وجه آخر.

  وأمَّا حتَّى فلها أربعة مواضع: تكون بمعنى إلى مجردة من أن، وعاطفة بمعنى الواو، وحرف ابتداء، وناصبة للفعل بمعنى إلى أن، أو كي، وهي المقصودة في هذا الباب. ولا تكون ناصبة حتى يكون الفعل معها خالصًا للاستقبال، وقد شرطنا ذلك في جميع الحروف النواصب، ولكن خُصت حتى بإعادة الشرط لا تدخل على كل فعل ماضيًا كان أو حالاً، أو استقبالاً، ولا تعمل إلا في المستقبل المحض نحو: دعوت الله حتى يغفر لي، أي: كي يغفر لي، ولن أبرح الأرض حتى يأذن لي أبي، أي: إلى أن يأذن لي، قال بعض بني أسد: (بسيط)

  لا تحسب المجد تمرًا أنتَ آكله ... لنْ تَدرك المجد حتّى تلعق الصبرا⁣(⁣٢)

  وترفع الفعل بعدها إذا كان معناه المضي نحو قولك: سِرْتُ حتى أدخل المدينة بالرفع إذا كنت تريد حتى دخلتها، قال امرؤ القيس:

  سَريتُ بِهم حَتَّى تكل سُراتُهم ... وحتى الجيادُ ما يُقدن بأرْسَانِ⁣(⁣٣)

  أراد حتى كلت سراتهم فرفع، وكذلك إذا كان الفعل حال محض كان مرفوعًا؛ نحو قولك: مرض حتى يرجونه، أي: فهم لا يرجونه. ومثله: وثبتُ حتى أخذ بحلقه، أي: فأخذت بحلقِهِ لأنه ليس بين الوثوب، وبين الأخذ مدة طويلة.


(١) البيت لا يعرف قائله.

(٢) البيت للشاعر حوط بن رئاب الأسدي، انظر: سمط اللآلي: ١/ ٣٣٩.

(٣) انظر: ديوانه: ٩٣.