كشف المشكل في النحو،

علي بن سليمان حيدرة (المتوفى: 602 هـ)

باب أحكام أو، والواو، والفاء

صفحة 171 - الجزء 1

  يسلمون أو يسلمون، والألف مقحمة؛ لأن أو وقد تكون بمعنى الواو في نحو قوله تعالى {إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ ١٤٧}⁣[الصافات] قال بعضهم: ويزيدون لأن الله سبحانه لا يشك، وفي الرواية أنَّهم مائة ألف وعشرون ألفا، وقيل إن المراد بذلك الإبهام، ومثله قول النابغة: (بسيط)

  قالت ألا ليتما هذا الحمام لنا ... إلى حمامتنا أو نصفه فقد

  أراد ونصفه.

  وكذلك الواو، وتكون بمعنى أو في مثل قوله تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ}⁣[النساء: ٣]، معناه أو ثلاث أو رباع على التخيير. وقد قال الخليل: إن جميع النواصب للفعل تعمل بمعنى أن، فإذا قلت: لن أقوم، فمعناه: لا أن أقوم فالناصبة أن ولا دخلت للنفي وقس عليه كي أن وإذن أن.

  ومعنى حتى إلى أن، وليقوم أي: لأن يقوم، وكذلك الباقي. المذهب الصحيح ما قدمنا من أنَّ الأصول الأربعة عاملة بنفسها، والباقية تعمل بمعنى أن. وقد احتج الفراء على الخليل بجواز قولهم: زيدًا لن أضرب فلو كانت بتقدير: لا أن أضرب لم يجز تقديم زيد، لأنه من صلة أن المصدرية، وذلك صحيح من حيث كان معمولاً للفعل الذي وصل به فصار الجميع كلمة واحدة لا يتقدم آخِرُها على أولها، ولم يمنع أحد من النحويين تقديم زيد على لن.

  فصل: وأمَّا الواو، فإنَّها أيضًا تنصب بمعنى أن إذا وقعت للصرف نهيًا عن الجمع بين الشيئين أو استنكارًا، أو اعتمدت على مصدر في صدر الكلام، فالنهي نحو قولك: لا تأكل السمك وتشرب اللبن، أي: لا تجمع بينهما، وقد أطلق له واحدًا وحظر عليه الآخر ولو جزم فقال: وتشرب اللبن عطفا على تأكل لكان قد حظرهما عليه جميعًا. ولو رفع الشرب فقال: وتشرب اللبن كانت واو حال، تقديره: وأنت تشرب اللبن أي لا تأكل السمك شاربًا بمنزلة من يأكل وهو يشرب الماء. هذه ثلاثة معان حسنة ذكرتها لك لتعرف فضل دلالة الإعراب على المعاني