كشف المشكل في النحو،

علي بن سليمان حيدرة (المتوفى: 602 هـ)

باب الإضافة

صفحة 190 - الجزء 1

  الإضافة واللام في التمليك وما قدر بمن، وغيره فليس بمحض لزوال معنى التمليك معه. والقول الثاني: إن ما تقدر باللام وبمن فهو محضّ، نحو: غُلام زيد، وثوبُ خز، لأنه يتمحض فيه حرف الجر إذا قلت غُلام لزيد، وثوب من خز، والقول الأول أجود لشبهه بالأصل، والله أعلم بالصواب.

  وإذا صح الأول بالمحضة ما قدرت باللام وغير المحضة ما قدرت بمن على حسب الخلاف، وما لم يتقدر فيها حرف الجر بلا خلاف، وذلك مثل: مسجد الجامع، وما أشبهه من إضافة الوصف والمحذوف، ومثل: حسن الوجه، وما أشبهه من إضافة التشبيه ومثل ضارب زيدٍ غدًا، وما أشبهه من إضافة التخفيف، فهذه كلها غير محضة؛ لأنه لا يتقدر فيها التمليك على القول الأول، ولا يتمحض فيها حرف الجر على القول الثاني.

  فقد صارت الإضافة المحضة وغير المحضة خمسة أنواع: تمليك، مثل: غلام زيد، وسميت بذلك لأن زيدًا يملك الغُلام. وملابسة مثل: سرج الدابة، وباب المسجد، وأخي زيد، وسميت ملابسة لأن الأول يُلابس الثاني ويوافقه، فتحسن نسبته إليه لأنه موضوع له دون غيره. وإضافة نوع وجنس مثل ثوب خز، وباب ساج، وقيل لها كذلك لأن الأول نوع من أنواع الأشياء مضاف إلى جنسه الذي هو أصله. وإضافة وصف ومحذوف مثل مسجد الجامع، ودار الآخرة، وحق اليقين، واشتق لها اسم الوصف من حيث كان الثاني يصلح أن يكون نعتا الأول إذا عرف بالألف واللام؛ نحو قولك: هذا مسجد الجامع، واشتق له بحرف من حيث كان الموصوف محذوفا، وقد أقيمت الصفة مقامه لأن التقدير: هذا مسجد المكان الجامع، ودار الكرة الآخرة، وحق الشيء اليقين، ولولا هذا التقدير لم يجز إضافة مسجد إلى الجامع؛ لأنه صفته، والصفة في المعنى هي الموصوف، والشيء لا يُضاف إلى نفسه وكذلك ما أشبهه، وإذا قلت: دار الكرة الآخرة، فالدار غير الكرة، وكذلك الباقي. وإضافة تشبيه مثل: حسن الوجه، وعفيف اليد، وسميت بذلك لأنها إضافة الصفة المشبهة باسم الفاعل. وإضافة تخفيف مثل: ضارب زيد، ومكرم