باب الجزم
  {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ}[البقرة: ٢٨٤] فالأول من الفعلين يقال له أمر، أو نهي أو شرط، والثاني: يُقال له: جواب، لأنه متعلق بما قبله، إلا إن تجزم الفعلين بنفسها. ولام الأمر ولا في النهي يجزمان الأمر والنهي بنفسهما، ويجزمان الجواب والفعل في قول بعضهم، والأحسن عندي أن تقول: إنَّ الحرف هو الجازم للجواب باعتماده على فعل الأمر والنهي كما يعتمد الفعل اللازم في الاستثناء على إلا فتنصب المفعول. ويعتمد الابتداء على المبتدأ فيرفع الخبر وحسن ذلك لأن العمل الواحد لا يكون لعاملين، وقد تجزم الجوابات بمجرد الأمر، وإن لم يكن هناك حرف جزم، مثل: قُم أقم معك. ومنه: {فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ}[الأعراف: ٧٣] وسنذكر الأجوبة كلها في باب الشرط إن شاء الله. ومتى كان الفعل المجزوم صحيح العين واللام سكنت لامه لا غير، مثل: لم يضرب، ومتى كان معتل العين صحيح اللام سكنت لامه للجزم وانحذفت عينه لالتقاء الساكنين مثل: لم يقم ولم يبع، ولم ينم، ومتى كان صحيح العين معتل اللام حذفت لامه للجزم وبقيت عينه على حركتها فبقاء العين لاستقامة الوزن، وبقاء الحركة للدلالة على الحرف المحذوف، ضمة على الواو، مثل: لم يغز، قال الله تعالى {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ ١٧}[العلق ١٧]. وكسرة على الياء مثل: لم يرم، قال الله تعالى: {أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ}[فصلت: ٥٣]، وفتحة على الألف مثل: لم يرضَ، قال الله تعالى: {وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ}[التوبة: ١٨]. فإن كان الفعل المجزوم لاثنين، أو لجماعة أو لمؤنث حاضر حُذفت منه النون مثل: لم يقوما، ولم يقوموا ولم تقومي يا امرأة، ولا يبقى على هذه النون دليلاً لأنها ليست من نفس الفعل بل هي علامة الرفع بعد لامه. وحرف العلة من نفس الفعل، ولذلك بقيت الحركة دليلاً عليه بعد حذفه، فيكون فيما أبقى دليلاً على ما أبقى. فافهم ذلك.