كشف المشكل في النحو،

علي بن سليمان حيدرة (المتوفى: 602 هـ)

باب الجزم

صفحة 193 - الجزء 1

  فإذا أمروا الحاضر، قالوا: قم مبني على الوقف، وليس بمعرب؛ لأنه ليس معه حرف مضارعة يستحق به الإعراب، تقول للغائب: ليقم زيد معرب بالجزم، والجازم له اللام، وهي تكون في ابتداء الكلام مكسورة وفي الوصل ساكنة، قال الله تعالى: {لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ}⁣[الحج: ٢٩] ثم قال {وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ٢٩}⁣[الحج] يقرأ بسكون هذين اللامين لأجل الوصل. ومن النحويين من يجيز تحريكها في كل حال، والسكون مع الوصل أجود لئلا يشبه لام الغرض، وربما أدخلوها على فعل الحاضر، ولذلك قلنا: غالبًا، وهو قليل جدا، فقالوا: ليقم يا زيد تشبيها بالغائب، ومنه الحديث: «لتأخذوا مصافكم» وعليه قراءة بعضهم: {فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ٥٨}⁣[يونس].

  فإن أمرت حاضرًا بفعل لم يُسم فاعله مما قد ألزم ذلك البناء لم يكن إلا باللام مثل: لتولع يا رجل بحب نبيك، ولتعن بأمر دينك، ولترضَ عليهم، وقس عليه. ومعنى لا النهي ويدخل على الحاضر، والغائب، تقول: لا تقم يا زيد ولا تقم يا زيد ومعنى إن الشرط والجزاء، ومعنى الشرط تعليق فعل على فعل آخر، وسنفرد له بابا إن شاء الله سبحانه نستوفي شرحه فيه ونذكر نظائر إن معها.

  فصل: وأحكامها تنقسم قسمين: أحكامها في عملها، وأحكامها في معمولها. فحكمها في عملها: أنَّها لا تعمل في فعل حتى تنقله نقلين، فلم، ولما ينقلانه من الحال إلى المضي، ومن الإيجاب إلى النفي، ولام الأمر ولا في النهي ينقلانه من الحال إلى الاستقبال، ومن الخبر إلى الأمر والنهي، وإن تنقله من الحال إلى الاستقبال، ومن الوجوب إلى الشرط.

  وأما أحكامها في معمولها فمختلفة؛ أما لم ولما فيجزمان فعلاً واحدًا نحو: لم يقم، ولما يقم. وأما الأمر والنهي والشرط فيجزم فعلين مستقلين، مثال الجميع: ليقم زيد أقم معه، ولا يقم عمرًا أضربه، وإن يقم زيد يقم عمرو، قال الله تعالى: