كشف المشكل في النحو،

علي بن سليمان حيدرة (المتوفى: 602 هـ)

باب الاسم المبهم

صفحة 20 - الجزء 1

  للقريب منك، وذاك لمن هو أبعد منه قليلاً، وذلك لأبعد الأبعدين. وتقول في تثنية ذا: ذان في الرفع، وذين في النصب والجر قال الله تعالى: {فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ}⁣[القصص: ٣٢]. وقال الشاعر⁣(⁣١): (منسرح)

  والناس اثنان في زمانك ذا ... لو تبتغي غير ذين لم تجد

  هذا بخيل وعنده سعة ... وذا جواد بغير ذات يد

  ومثله في المؤنث مفرده تا ومثناه تان وتين قال الله تعالى حاكيًا عن شعيب: {إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ}⁣[القصص: ٢٧]، وكل ذلك بناء لا إعراب له. فأما المفرد والمجموع فلهما حال واحدة تقول: جاءني ذا، وأولاء، ورأيتُ ذا، وأولاء، وفي التنزيل: {هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي}⁣[طه: ٨٤].

  فصل: وسُمي مبهما لأنه لا يتمحض إلى ظاهر، ولا مضمر، بل أشبه كل واحد منهما من ثلاثة أوجه: فأشبه الظاهر من حيث نُعت ونُعت به وصغر، تقول في نعته مررتُ بهذا الرجل فالرجل مجرور على النعت لهذا، ولا تنعت المبهمات إلا بالأجناس خاصة. وتقول في النعت به مررتُ بزيد هذا فهذا في موضع جرّ على النعت لزيد، وتقديره بزيد المشار إليه، ولا يُنعت بالمبهم إلا الأعلام خاصة وتقول في تصغير ذا: ذيا، وتا تيا والأولاء أولياء قال الأعشى: (طويل)⁣(⁣٢)

  ألا قُل لتيا قبل مرتها أسلمي ... تحية مشتاق إليها مُتيَّم⁣(⁣٣)

  وفي التثنية: ذين وتين فمن هذه الثلاثة الأوجه أشبه الظاهر، وأشبه المضمر من حيث بني، اختلفت صيغه ولم يُفارقه تعريف الإشارة، فلما أشبه كل واحد منهما ثلاثة أوجه لم يكن واحد منهما أحق به من الآخر نوقع بينهما، فقيل: مبهم واشتقت


(١) البيتان لا يعرف قائلهما.

(٢) الأعشى: هو ميمون بن قيس بن جندل وكان أعمى، ويكنى أبا بصير، وكان جاهليا قديماً، وأدرك الإسلام في آخر عمره.

(٣) البيت في ديوانه ص ١١٩.