كشف المشكل في النحو،

علي بن سليمان حيدرة (المتوفى: 602 هـ)

باب العطف

صفحة 213 - الجزء 1

  فعطف جائرًا وهو اسم فاعل على يقصد - وهو فعل -؛ لأن التقدير: يقصد ويجور ومثله لأبي الأسود الأسود الدؤلي: (طويل)

  كساك ولم تستكسه فحمدته ... أخ لك يُعطيك الجزيل وشَاكِرُ⁣(⁣١)

  وعطف شاكرًا على يعطيك. ومثال عطف الفعل على اسم الفاعل: أنت قائم ويذهب، قال الشاعر: (طويل)

  وما أنا للشيء الذي ليس نافعي ... ويغضب منه صاحبي بقؤول⁣(⁣٢)

  تقديره: ليس نافعًا لي، ومغضبًا صاحبي مني. ومثال عطف الماضي، قوله تعالى: {أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ ٢ وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ ٣}⁣[الفيل]؛ لأن لَمْ تصيره بمعنى المُضي، فجاز أن تعطف أرسل على يجعل. ومثال عطف المستقبل، قولك: إن أتيتني وتُحسن إلي أحسن إليك، لأن الشرط يصيره بمعنى الاستقبال. وقُلنا: في غالب أحواله احترازًا من هذه العطوف، ومن العطف على الموضع، وما أشبه ذلك.

  ومن الجائز العطف على أن المصدرية وصلتها على الموضع؛ نحو قولك: أعجبني أن تأكل وشربك، وكرهتُ أن تقوم وقعودك، وعجبتُ من أن تضحك وبكائك والتقدير أعجبني أكلك وشربك وكذلك الباقي. ويجوز تقديم العطف على المعطوف إذا كان معتمدًا نحو قولك: جاء وزيد عمرو، ورأيتُ وأخاك محمدًا، قال الشاعر: (وافر)

  ألا يا نخلة من ذات عرق ... عَلَيْك ورحمة الله السلام⁣(⁣٣)

  فقدم الرحمة مع عليك معتمدًا على السلام المتأخر اعتماد الخبر على مبتدئه، وذلك جائز من غير ضرورة في النظم والنثر. وإذا كان مفعول الظن وأخواته


(١) البيت غير موجود في ديوانه.

(٢) البيت لكعب الغنوي، انظر: الكتاب: ١/ ٤٢٦.

(٣) انظر: شرح الحماسة للمرزوقي: ٢/ ٥٠٥، ولم يعرف قائله.