كشف المشكل في النحو،

علي بن سليمان حيدرة (المتوفى: 602 هـ)

باب تأكيد الفعل

صفحة 257 - الجزء 1

  ذَلِكَ غَدًا ٢٣}⁣[الكهف]، ومثال الاستفهام هل تقومن؟ قال جميل: (طويل)

  ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة ... بوادي القرى إنِّي إذا لسعيد⁣(⁣١)

  ومثال القسم: والله لأفعلنَّ. قال الله تعالى: {فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ}⁣[مريم: ٦٨] والتأكيد بنونين: ثقيلة، وخفيفة. فالثقيلة متحركة وقد مثلت وهي بمنزلة تأكيدين والخفيفة ساكنة. مثل: هل تضربن يا زيد؟ وهي تأكيد واحد. فإذا قلت: ليقومن يا زيد فكأنك قلت: ليقم زيد نفسه. قال الله تعالى: {لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ ١٥ نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ}⁣[العلق: ١٥ - ١٦]، وقال الله تعالى: {لَيَقُولُنَّ اللَّهُ}⁣[العنكبوت: ٦١ - ٦٣]. وقال: - فيها جميعًا -: {لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ ٣٢}⁣[يوسف] وكل موضع دخلته الشديدة، تدخله الخفيفة، إلا في فعل الاثنين وفعل جماعة النساء. فإنَّ الخفيفة لا تدخلها لأنها ساكنة. وما قبلها ساكن واللسان لا ينطق بساكنين تقول: هل تضربان عمرًا؟ وهل تضربان الرجل يا نساء؟ ولا يجوز التخفيف هاهنا.

  فصل: وأمَّا على كم ينقسم الفعل المؤكد: فينقسم على ضربين: صحيح، ومعتل.

  أما الصحيح: فيذهب بإعرابه، وتصله بإحدى النونين. فإن كان بواحد مذكر فتحت ما قبل النون لالتقاء الساكنين فقلت: هل تضربن يا زيد. وإن كان الجماعة مذكر ضممت دليلاً على الواو المحذوفة فقلت: هل تضربن يا رجال، فإن كان لمؤنث كسرت علمًا للتأنيث فقلت: هل تضربن يا هند وإن كان لاثنين كان ما قبل النون ساكنا لأنها تقعُ بعد ألف التثنية التي هي الفاعل، والألف ساكنة أبدًا مثاله: هل


(١) جميل بن عبد الله بن معمر. ويكنى بأبي عمرو، وهو أحد عشاق العرب المشهورين بذلك، وصاحبته بثينة، انظر ترجمته في الشعر والشعراء لابن قتيبة: ١/ ٤٣٤، والأغاني: ٨/ ٩٠ - ١٥٦، والبيت في ديوانه: ٦٥، والأغاني: ٢/ ٣٥.