باب آخر من الفعل يشتمل على أحكامه
  حرف العلة عجزه، وهو مثل: غزا ورمى ومُعتل الفاء واللام ويُسمى اللفيف؛ لأن العلة لفت طرفيه وهو مثل: وعى ووقى ووفى.
  فصل: والأفعال صحيحُها ومُعتلها لا تخلو أن تكون ثلاثية، أو رباعية، فالثلاثي ثلاثة، أوزان فعل بضم العين، وفعل بكسرها، وفعل بفتحها، فما انضمت عينه في الماضي انضمت في المستقبل مثل: ظرُف يظرُف. وما انكسرت عينه في الماضي انفتحت في المستقبل مثل: عَلِمَ يَعْلَمُ. ولا يختلف شيء من ذلك إلا في أربعة أفعال من الصحيح فمنهم من كسرها في المستقبل، ومنهم من فتحها على الأصل. وهي حَسِبَ ونَعِمَ، وبئس ويئس فقالوا: في مستقبلها يحسب ويَحْسَب ويبيس ويب ويبأس، وييئس ووييأس وينعم وينعم وعليها الرواية: (وافر)
  وكوم تنعم الأضياف عينا ... وتصبح في مباركها ثقالا(١)
  ومنهم من يقول تنعم بالفتح والقراءة: {أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ}[القيامة: ٣٦]، ويحسب هذا من الصحيح.
  ومن المعتل ثمانية أفعال على فعل يفعل بكسرهما جميعًا وهي ولي يلي، وورثَ يرث، وورم يَرِمُ، ووثقَ يَثقُ، ووفق يفق، وومق يمقُ، ووجم يَجِمُ، ووري يري، وورع يرع، ولم يسمع فيها الفتح، وما انفتحت عينه في الماضي خرج مستقبله على ثلاثة أضرب لخفة الفتحة وكثرة استعمالها، فعل يفعل مثل: كتب يكتب، وفعل يفعل، مثل: ضرَبَ يضربُ، وفعل يفعل، مثل: ذَهَبَ يذهب. ولا تفتح العين في الماضي والمستقبل جميعًا إلا إذا كانت عين الفعل أو لامه حرفًا حلقيا، وليس كل ما كان كذلك يلزم فتحه فيها جميعًا فهو حجة لما كان كذلك، وليس بعلة لازمة لما فُتِحَ ماضيه، وكان فيه الحرف الحلقي، لأنك تقول: ظعن يظعن، ودخل يدخُل، وصرخ يصرخ، وما قلب بعض العرب الياء من الفعل الماضي ألفًا، فقال في نحو: بقي يبقَى، ورَضيَ يرضى، بَقَى يبقَى ورَضَى يرضَى.
(١) البيت للفرزدق، انظر ديوان، الفرزدق دار صادر جـ ٢، ص ٦٩.