باب آخر من الفعل يشتمل على أحكامه
  صارت دلالة الفعل دلالتين دلالة حدث ودلالة زمان فدلالة الحدث من نفس اللفظ؛ لأن كل لفظ يدلُّ عليه نحو قولك: قام قيامًا، وسيقوم قيامًا، ودلالة الزمان من اختلاف الصيغة. فإذا قلت: قام دللت على الماضي. وإذا قلت: يقوم دللت على الحال. وإذا قلت سيقوم دللت على المستقبل.
  والفرق بينهما وبين دلالة الأسماء أن الأفعال تدلُّ دلالة إفادة معنى، والأسماء تدل دلالة إشارة إلى ذات والفرق بين الماضي، والحال: أن الماضي يحسن اقترانه بأمس ويبنى آخره على الفتح إذا كان صحيحًا، ولم يتصل به ضمير المرفوع، ويختص بحرفين هما قد ولو مثل: قد قام أمس، ولو قام أمس، فإن دخل على مستقبل كان معناه المضي مثل: {قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ}[الأحزاب: ١٨]، {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ}[النحل: ٦١]، والتقدير قد علم، ولو أخذ. والفرق بين الحال والاستقبال أن الحال يحسن اقترانه بالآن، والوقت والساعة ولا يُنصب ولا يُجزم، ولا يؤكد ولا يؤمر به، ولا يُنهى عنه، والمستقبل يختص بالسين وسوف وحروف الجزم، والنصب والشرط، ويكون أمرًا ونهيا واستفهاما، ويدخل عليه نونا التأكيد ويحسن اقترانه بغد، ويتفقان بدخول حروف المضارعة وهي أربعة: التاء، والياء، والنون، والألف مثل: تقوم ويقوم ونقوم وأقوم. ويُعربان بالرفع، وإنما خص بالرفع لأن فعل الحال لا تدخل عليه العوامل اللفظية، وإنما يعمل به المعنوي لمعنى لا يعمل إلا رفعا، فافهم ذلك.
باب آخر من الفعل يشتمل على أحكامه
  فصل: واعلم أن الفعل ينقسم بعد ذلك قسمين: صحيح، ومعتل.
  فالصحيح كل ما سلمت فاؤه، وعينه ولامه من حروف العلة التي هي: الواو، والألف، والياء السواكن. والمعتل على أربعة أضرب: معتل الفاء، وسُمّي أرأس للزوم حرف العلة رأسه وهو مثل: وعد ووزن ومعتل العين، ويُسمى أجوف للزوم حرف العلة جوفه وهو مثل قام وباع ومعتل اللام وهو يُسمى أعجز للزوم