باب الاستخبار
  وقام فعل وفاعله مستتر فيه وهما في موضع رفع على الخبر لمن. ومنهم من يقول: من فاعل متقدم في اللفظ متأخر في النية وقام فعله الذي رفعه ويجعله فارغا الضمير. والأول أيضًا أحب إليَّ. وأشبه بالأصل ولا شيء يلجئ إلى الحكم عليه بأنه فاعل وفي المبتدأ عنه مندوحة وسعة فجعله فاعلاً تحكم ولا وجه له.
  أمَّا حُكمها في مواقعها؛ فمختلف كاختلافها. فمن: تقع سؤالاً عمن يعقل خاصة وربما وقعت على الفاعل القادر لأنها تقع على الله سبحانه قال: {قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ}[المؤمنون: ٨٦] فإن اجتمع العاقل وغيره غُلبَ العاقل عليه وسئل عن الجميع (بمن) قال تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ}[النور: ٤٥] والمغلبات خمسة: العاقل على غير العاقل، والمذكر على المؤنث، والمعرفة على النكرة، والأصل على الفرع، والحاضر الغائب وما يقع سؤالاً عن ما لا يعقل فإن سئل بها عن عاقل أو قادر على الفعل فإنما هي سؤال عن صفته. فلو قال: من أبوك؟ قلت: زيد. فإن قال: لا أبوك؟ وما زيدٌ؟ قلت: كريم أو بخيل، أو غير ذلك من الصفات، وكذلك لو سأل مُلحد. فقال: من خلقَ؟ لقلت الله. فلو قال: وما الله؟ قلت: القادر على الفعل العالم به المتقدم عليه الحي وله كأنه قال: وما صفة هذا الخالق الذي فعل هذا الفعل وأجبته بشروط الفاعل وصفاته وانظر إلى فرعون لعنه الله كيف سأل عن الله بِمَا فأجابه موسى # بالصفة حين قال: وما ربُّ العالمين؟ قال موسى: {رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ}[المزمل: ٩] أي: مالكها والقادر عليهما. فلم يسأل إلا عن قدرته وسعة ملكه لأنه كان قد قدم السؤال عن الذات بقوله: من ربُّكُما يا موسى.
  وكيف سؤال عن الحال، وكم سؤال عن عدد مجهول، وأين سؤال عن مكان. ومتى عن زمان وأنى عن جهة لأنها تختص بالجهات في الشروط والاستفهام؛ قال الله تعالى يحكي عن زكريا: {يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا}[آل عمران: ٣٧] أي: من أي