باب الأسماء النواقص
  تقع خبرًا عن بعض الشيء عاقلاً كان أو غير عاقل ومذكرًا كان أو مؤنثًا. ولا تلحقها علامة التأنيث ولعمومها أعربت تقول: جاءني أيهم جاءك. ورأيتُ أيهم جاءك، ومررتُ بأيهم جاءك، فإن كانت أي موصولة بمفرد كانت مبنية عند سيبويه تقول: علمتُ أيهم أكبر، قال الله تعالى: {ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ}[مريم: ٦٩] معناه: الذي هو أشد وتقول: إنما بُنيت كما بُني قبل وبعد لأنهما قطعا. عن الإضافة، وأي كانت توصل بالمبتدأ والخبر مثل: قد علمت أيهم أبوه قائم، فتعرب لاستيفائها صلتها فإن حذف المبتدأ أوصلت بالخبر فقط وبنيت فقيل قد علمت أيهم قائم لأنها قُطِعَتْ من بعض الصلة وهو المبتدأ. فافهم ذلك.
  وأنْ، وأنَّ وما المصدرية مختصة بالأحداث دون الأشخاص لأنها لا تقدر إلا بالمصدر ولذلك لم يحتج إلى عائد لأن المصدر لا يتضمن الضمير بخلاف سائر الصلات ولكنه جامدًا إنما يتضمن الضمير من الأسماء ما كان شبيها بالفعل وما كان بمعنى الذي كما قدمنا فيحتاج إلى العائد كغيرها؛ لأنها بصلتها تقدر باسم الفاعل أو المفعول وهما يتضمنان الضمائر وأما الأولى، وذو، وذا، والألف، واللام مع الفاعل فإنها لاحقة بالذي والتي.
  ومن أحكام هذا الباب أن العائد إذا كان ضمير نصب جاز إبرازه، وجاز حذفه، لأن المفعول غير لازم، قال الله تعالى: {الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ}[البقرة: ٢٧٥] فبرز الضمير في تخبطه وقال تعالى: {أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا ٤١}[الفرقان] فحذف الضمير من بعث والتقدير: بعثه. وقد قُرئ: (ما عملت أيْدِيهِم) وما {عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ} فإن كان ضمير رفع لم يجز حذفه لأن الفاعل لازم إلا أن يطول الكلام ويدلُّ عليه المعنى مثل: ما أنا بالذي قائل لك شيئًا، وفي كتاب علي - كرّم الله وجهه - إلى معاوية: (وما أنا بالذي أغيبك وما أنا بالذي أخافك ولا وعيدك والتقدير: وما أنا بالذي أخافك أو بالذي هو يخافك، ولا يجوز حذف ضمير الجر بتةً من نحو: هذا الذي مررتُ بأبيه لو قلت: تاب لم يكن للكلام معنى.