كشف المشكل في النحو،

علي بن سليمان حيدرة (المتوفى: 602 هـ)

باب شرح المعاني المذكورة

صفحة 407 - الجزء 1

  لك الويل من ليل بطيء أواخره⁣(⁣١)

  ومثله قول أبي نواس⁣(⁣٢):

  أربع البلى أن الخشوع لبادي ... عَلَيْكَ وإني لم أحنك ودادي

  ففي الرواية أن البرامكة تبرموا حتى بلغ إلى قوله:

  سلام على الدنيا إذا ما فقدتم ... بني برمك من رائحين وغادي

  فتطيروا به فما لبثوا إلا ثمانية أيام حتى قتلوا وقد كُنا أشرنا إلى تهذيب الابتداء والتخلص والاعتماد في الباب الأول ولكنا أوردناها هاهنا ليستدل عليها وليكون ذلك زيادة في الحضّ على تهذيبها.

  فصل: وأما الاعتماد فهو: أن يتخلص الشاعر من التشبيب إلى المدح أو الهجاء، أو غير ذلك مما يريده بغير دع كذا أو عد عن كذا، أو اذكر كذا، وما أشبه ذلك بل يكون تخلصه إلى المدح أو غيره متصلاً بما قبله من التشبيب حتى يصح تركيبه ويستجاد صنعته ويقع الاتصال ويؤمن الانفصال ويسلم من شوائب النقصان. ويقف على منهج الإحسان ومن أحسن ما ورد في ذلك قول علي بن الجهم: (بسيط)

  وليلة كحلت بالنفس مُقْلَتها ... ألْقَت قِناعَ الدُّجَى في كُلّ أخدودِ

  قد كاد يُغْرَقُنِي أمْواجُ ظُلمتِها ... لولا اقتباسي سنى مِنْ وجه داود⁣(⁣٣)

  وفي الذم قول أبي الشمقمق: (متقارب)

  وأحببتُ مِنْ حُتِهَا الباخلِينَ ... حَتَّى ومقت ابن سَلْمِ سَعِيدًا

  وهو رجل من باهلة (متقارب)


(١) البيت في ديوانه تحقيق الصيرفي: ٢/ ٨٦٧، وهو مطلع قصيدة يمدح (يوسف بن محمد) والبيت بتمامه:

له الويل من ليل تطاول آخره ... ووشك نوى حي تزم أباعره

(٢) أبو نواس: تقدمت ترجمته، والبيتان من البحر الطويل، انظر: ديوانه، المطبعة العمومية /٧٣.

(٣) البيتان من البسيط وهما في ديوانه: ١٢٨.