كشف المشكل في النحو،

علي بن سليمان حيدرة (المتوفى: 602 هـ)

باب شرح المعاني المذكورة

صفحة 426 - الجزء 1

  يصف الخمر: (كامل)

  يلعب العقول حبابها ... كتلعب الأفعال بالأسماء⁣(⁣١)

  فنظر إليه المتنبي وأخذ معنى النحو فقال:

  إذا كان ما تنويه فعلاً مُضارعا ... مضى قبل أن تُلقي عليه الجوازم⁣(⁣٢)

  فوقع دونه بما لا يتقارب.

  فصل: وأما الإشارة؛ فهي: اشتمال اللفظ القليل على المعنى الكبير باللمحة الدالة وهي أقرب الأشياء إلى التلميح ومن أحسنها قول أرطأة بن سهيلة المري: (طويل)

  فقُلتُ لَهَا يا أم بيضاء إنني ... أريق شبابي وأستشن أديمي⁣(⁣٣)

  فانظر كيف أشار إلى تغير شبابه وشحوب بدنه من شدة الوجد إشارة لطيفة ومثله قول آخر:

  فوضعت رحلي فوق ناجية ... يقتات شحم سنامها الرحل⁣(⁣٤)

  فقوله: (يقتات شحم سنامها الرحل) إشارة حسنة إلى مداومة السير وطول السفر بغير لفظه.

  فصل: وأما التقفية فهي: سوق البيت إلى القافية سوقًا رفيقا حتى إذا بلغ الشاعر إلى آخر البيت اختار له قافية حسنة الموضع تليق بذلك الموضع. لو أراد أحد من البلغاء أن يأتي بمثلها، أو خيرًا منها امتنع عليه ذلك ومن مستحسنه قول الشاعر: (طويل)


(١) البيت من الكامل: انظر شرح ديوانه: ١/ ٢٩، وديوانه للخياط: ٣، وفيه: (خرقاء) بدل (صفراء).

(٢) البيت من البحر الطويل انظر: ديوان المتنبي للبرقوقي: ٢/ ٢٧١، وديوانه تصحيح ومقارنة د. عبد الوهاب عزام/ ٣٧٦.

(٣) أرطأة بن سهيلة: هو من بني مرة بن عوف بن سعد ويكنى أبا الوليد. الشعر والشعراء لابن قتيبة: ١/ ٥٢٢، والأغاني: ١٣/ ٢٧، ٤٣، وبيته من بحر الطويل.

(٤) البيت من الكامل وهو إلى طفيل انظر: البديع لابن المعتز ص ١٠.