كشف المشكل في النحو،

علي بن سليمان حيدرة (المتوفى: 602 هـ)

باب شرح المعاني المذكورة

صفحة 431 - الجزء 1

  فصل: وأما التسميط فهو: أن يأتي الشاعر بشعره مسمطا كل بيتين على قافية، ولا يعودُ إليها. ورُبَّما جعَلَهُ ثلاثةً ثلاثة وأربعة أربعة، وربما بلغ العشرة وما زاد على ذلك فلا يُسمى تسميطا. وإنما يكون شعرًا كاملاً فمن التسميط قول أبي السعود بن زيد ¦: (رجز)

  إنْ كُنْتَ زيديا رفيعَ الهِمَّة ... تَكْرَهُ مَا تكرهه الأئمة

  مِنْ جَشَعِ النفسِ وحَصَرِ الذّمة ... والطَّيشِ عِنْدَ النّوبِ المُلِمَّة

  فَانْدُبْ إلى السنة والجماعة ... ما دمت واستمسك بحبل الطاعة

  وأدرع الخشية والقناعة ... وافزع إلى التوبةِ قَبْلَ السَّاعَة

  فصل: وأما التخميس فهو أن يجعل الشاعر لقصيدته قافيةً معروفة، ويعدل عَنْهَا في أربعة أبيات ثُمَّ يطرقُهَا في البيت الخَامِس وذلك نحو قول الشاعر: (هزج)

  دم العاشق مطلول ... سيف اللحظ مسلول

  ومبدى الحب معذول ... ودين الصب ممطول

  وإِن لَمْ يُضعَ لِلائم

  وكذلك الشعر إلى آخره يجيء بأربعة ويعود إلى الميم في الخامس، ورُبَّما طرق القافية في الرابع كقول بعضهم: (مجزوء الرجز)

  واذكر زمانا سلفا ... سودت فيه الصحفا

  ولم تزل معتكفا ... على القبيح الشنع⁣(⁣١)

  ورُبَّما طرقها في الثالث. وربما طرقها في السادس والسابع إلى العاشر. وكل ذلك يُطلق عليه اسم التخميس لأنَّ الخمسة الغالب عليه. فافهم هذه المعاني المشروحة على طولها فإنَّها لطيفة جدًا وتعمدها بدقيق فكر ولطيف تدبر. وإنَّما طولنا هذا الباب حرصًا على البيان، واتكالاً على حُسنِ ما تضمنه من الإحسان فإن الشاعر إذا نظم هذه المعاني في جميع ما يحاول من أفانين الشعر كان شعره من


(١) البيتان من مجزوء الرجز ولم أهتد لقائلهما.