كشف المشكل في النحو،

علي بن سليمان حيدرة (المتوفى: 602 هـ)

باب المبني

صفحة 47 - الجزء 1

  وقال آخر: (كامل)

  قدك اتئب أربئت في الغلواء ......... (⁣١)

  وفوضى فضى قال الشاعر: (طويل)

  طعامهم فوضى فضى في رجالهم ... ولا يُحسنون السِّرَّ إلا تناديا⁣(⁣٢)

  وما أشبه ذلك.

  والذي بني من الأفعال على الوقف: كلُّ فعل اتصلت به تاء الفاعل؛ مثل: ضربت وضربتما، وضربتم ونون جماعة المؤنث نحو: ضربن، وضربتن.

  وكل فعل ماض آخره ألف نحو: غزا، ورمى، وفعل الأمر، إذا لم يكن معه لام مثل: قم واقعد. وإنما بني الفعل على الوقف مع المضمر لأن الضمير لازم وحركته لازمة، وكرهوا أن يجمعوا في كلامهم بين أربع حركات لوازم، ووجب حذف واحد، فلو حذفوا حركة فاء الفعل لامتنع الابتداء بساكن، ولو حذفوا حركة عينه لاختل وزن الفعل؛ لأن فعلاً ساكن العين من أوزان الأسماء خاصة، ولو حذفوا حركة الفاعل وأكثر المضمرات بسيط لبقي اسم على حرف واحد ساكن وذلك مُستحيل، وإذن لأشبهت تاء الضمير تاء التأنيث. فلم يبق إلا حذف حركة لام الفعل لأنها غير أصل، إذ أصل البناء الوقف، وإنما حرك لأنه ضارع المضارع بأشد المضارعة. وذلك أنه يقع موقعه في الشرط والجزاء، والصفة والصلة، والحال والخبر، وخُصَّ بالفتح طلبًا للخفة.

  وأما فعل الأمر فمبني على الوقف لأنه لم يُضارع الاسم، ولا ضارع ما ضارعه، فبقي على أصل البناء. ومثله فعل التعجب على صيغة أفعل به بني على الوقف لملاقاته فعل الأمر من جهة اللفظ، وهو من باب الخبر.

  والذي بني من الحروف على الوقف أن، وإن، وإذن، وكي، ولن، وأو، ومن وعن، ومع، وفي وإن الشرطية وإن النافية والزائدة والمخففة من الثقيلة، ولم،


(١) البيت لأبي تمام، انظر: ديوانه: ١/ ٢٢.

(٢) البيت في نوادر أبي زيد دون نسبة: ٢١٨، وفيه: (متاعُهم) بدلاً من (طعامهم).