كشف المشكل في النحو،

علي بن سليمان حيدرة (المتوفى: 602 هـ)

باب حكم المعتل

صفحة 52 - الجزء 1

  الطعام؛ إذا طحنته، وقفوت الرجل؛ إذا اتبعته وإن كان جامدًا وكانت الإمالة تجوز فيه ما ألفه منقلبة من الياء قلبتها ياء. فقلت في رجلين سميت كل واحد منهما فتى: جاءني فتيان وسنفرد للإمالة بابًا إن شاء الله تعالى.

  وإن كان ممالاً تجوزُ فيه الإمالة فألفُه منقلبة من واو، وقلبتها واوا وألحقت الاسم ألفًا ونونا في الرفع، وياءً ونونا في الجر والنصب، فإن قيل لك: ففي أي موضع يكون النون عوضًا من الحركة والتنوين معًا؟ أو من الحركة وحدها؟ أو من التنوين وحده؟ فقل: ما كان في واحده حركة وتنوين فالنون عوضًا منهما جميعا، مثل: جاءني رجل ورجلان، وما لم يكن في واحده إلا حركة فقط فالنون عوض من تلك الحركة مثل: يا زيد ويا زيدان، ومرَّ بي الرجل والرجلان، وما لم يكن في واحده غير التنوين فقط فالنون عوض من ذلك التنوين مثل: عصا وعصوان، وهذه مسألة تنبهك على عظم العربية، تقول: زيد عصى ربه يعصيه من المعصية، وعصا عبده يعصوه أي: ضربه بالعصا، وعصى بسيفه يعصى أي تعود حمله والقراع به. قال الشاعر جرير: (الكامل)

  تصيف السيوف وغيركم يعصى بها ... بابن القُيُون وذاك فعل الصيقل⁣(⁣١)

  فإن قيل: فالنون في تثنية ما لا ينصرف مثل: الموسين والحبليين عوض من الحركة المقدرة، فإن قيل فما تقول في هذين واللذين؟ وليس هناك تنوين ولا حركة ظاهرة ولا، مقدرة قلت أمَّا المبهم فإن واحده ذا وفيه ألف، فإذا بنيته وجب أن تأتي بألف التثنية، ولم يجمعوا في كلامهم بين ألفين لأنه لا يمكن النطق بهما فحذف ألف الأصل، ثم أعيض منها النون أو أنزل منه منزلة العوض.

  وأما الناقص فصاغوه تلك الصيغة إشعارًا بالتثنية، وليس تثنيته صحيحة، بل هو مفرد يدل على التثنية، وقد قيل إن النون عوض من الياء في الذي والتي، وهو قول حسن، فافهم ذلك.


(١) جرير بن عطية بن حذيفة الخطفي انظر: الشعر والشعراء: ١/ ٤٦٤.