كشف المشكل في النحو،

علي بن سليمان حيدرة (المتوفى: 602 هـ)

باب المبتدأ وخبره

صفحة 74 - الجزء 1

  إلا أن خبر الفاعل يكون مقدمًا عليه مثل قام زيد فالقيام خبر عن زيد، والمبتدأ يكون خبره متأخرًا عنه في الغالب مثل: زيد قام وقيل أعطي الرفع لأنه أول الكلام والرفع أول الإعراب فأعطي الأول الأول.

  ومن أحكام المبتدأ: أن يكون أولاً في الرتبة معرفة أو مقدرًا بالمعرفة. فالمعرفة مثل قولك: أنا قائم، وزيد قائم، وهذا منطلق، وزيد سائر، وغُلامُك خارج، فالمبتدأ في هذا كله معرفة، والمقارب للمعرفة كل نكرة خُصصت بوصف، أو ثنيت بعطف، أو وصلت بحرف مثال الجميع قولك: في المسجد رجل عاكف، ومثله: رجل عالم خير من جاهل، قال الله تعالى: {وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ}⁣[البقرة: ٢٢١]، {وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ}⁣[البقرة: ٢٢١]، وتقول في العطف في الدار رجل وابنه، وتقول في الصلة: ما في الناس خير منك.

  ولا يبتدأ بالنكرة إلا في سبعة مواضع: إذا نُعِت، أو عطف عليها، أو وصلت، وقد مضى تمثيل ذلك. وإذا تقدم خبرها عليها مثل: عليك ثوب، ولك مال، وإذا كان دعاء له كقوله تعالى: {سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ ١٣٠}⁣[الصافات]، أو دعاء عليه كقوله تعالى: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ ١}⁣[المطففين]، وإذا كان الكلام جوابًا للاستفهام، أن يقول قائل: من في المسجد؟ فتقول: رجل يُصلي وإذا كان استفهاما نحو: هل أحد في الدار؟ أو نفيًا نحو ما أحد خيرٌ منك ويجوز أن تأتي بمبتدأين، أو ثلاثة أو أكثر، إذا ربطتها بضمائر فقلت: زيد أبوه داره مبنية ويجوز تأخير الضمائر على أن تأتي بها معكوسة نحو قولك: زيد عمرو هند بكر خالد قائم عنده في دارها من أجله معه، هو في الأصل هند زيد عمرو خالد بكر قائم عنده في داره من أجله معها. والتقدير بكر قائم عند خالد في دار عمرو لأجل زيد مع هند.

  فإن وقع اسم الفاعل خبرًا لغير من هو له في هذه المبتدآت المتبعة، وجب إبراز ضمير الفاعل بخلاف الفعل لقوته بتضمن ضمير من ليس هو له بخبر، فتقول: زيد هند يضربها، فزيد مبتدأ، وهند مبتدأ ثان ويضربها خبر هند، وهي جُملة فيها