مقدمة
  يد المناظرة، وتنصره لسان المذاكرة، ولا أبري نفسي من الخطأ الذي لا يكاد يسلم منه تصنيف ولا يخلص من توغله تأليف وأنا أعوذ بالله من كل متكلف عنيد، وشيطان مريد، يتبع فيه علي العثرات ويُحصي علي الفلتات، همه مُعارضة الأدباء، ونقض الفضلاء، يخبط في عشواء جهله، ويدعي الفضل وليس من أهله. ثم إني رأيتُ المصنفين صنفين: مطيلاً ومقتصرًا، فمع الإطالة يردُ ما لا فائدة فيه، ولا عُمدة ومع الاختصار ينحذف من الفصول ما لا يُستغنى عنه، وتدعو الحاجة إليه.
  فجعلتُ كتابي هذا في درجة التوسط ميلاً عن الإفراط، ورغبة عن التفريط، وجعلته أربعة أكتبة؛ أجملتُ في الأول معرفة الأصول، وفصلت في الثاني معرفة العامل والمعمول، وجمعتُ في الثالث جمهرة من الفروع، وأوردتُ في الرابع شيئًا من التصريف والخط وما يتصل بذلك من القراءة وما يحتاج إلى معرفته الشاعر، وبوبت كل كتاب أبوابًا جعلتُ في صدر كل باب أسئلة ينقضي الباب بانقضاء أجوبتها، واعتمدتُ في الغالب أن يكون أول تلك الأسئلة حقيقة ذلك الباب وحده الذي ينعكس ويطرد فيجوز فيه كل، وكل نحو: أن يُسأل ما الكلام؟ فيقول: هو المسموع المفيد لجواز قولك كل كلام مسموع مفيد، وكل مسموع مفيد كلام.
  فالكتاب الأول مستغن بنفسه عما بعده، والثلاثة الأخر متعلقة به تعلق الفرع بأصله.
  والكتاب الثاني مستغن عن الثالث والرابع.
  والكتاب الثالث مُستغن عن الرابع، وكل واحد من الثلاثة الأخر أيضًا مُتعلق بما قبله.
  وكذلك أبواب الكتاب الواحد في ترتيباتها يستغني الأول عما بعده، ويقتصر كل شيء منها إلى ما قبله وكذلك فصول الباب في ترتيبها، وإذا مثلنا بلفظين أو أكثر فاعلم أن كل لفظ يدل على نوع من ذلك القسم الممثل، وليست هذه الشرائط لازمة في كل شيء، وإنما هي الأكثر من جميع ما أوردنا فتفهم هذا الأصل،
  وتصفح هذا الترتيب من الخطبة، فإنه مدخل الكتاب. وفقنا الله وإياك للصواب.