وإذا قد ذكرنا اسمه # فنذكر صفته #:
  أمير المؤمنين إنه قد تاب فَاعْفُ عنه؛ فأطلقه بعد أن شرط عليه أن لا يُقيم بالكوفة، قال: أين أذهب؟ قال: المدائن، فنفاه إلى المدائن، فلما قتل علي # أظهر مقالته وصارت له طائفة وفرقة يصدقونه ويتبعونه، وقال: لما بلغه قتل علي #: والله لو جئتموني بدماغه في سبعين صرة لعلمنا أنه لم يمت، وأنه لا يموت حتى يسوق العرب بعصاه! فلما بلغ ابن عباس ذلك قال: لو علمنا أنه يرجع لما تزوجنا نساءه وقسمنا ميراثه! انتهى(١)؛ فهذا هو المحب الغال الذي ذكره الصادق المصدوق ÷.
  واعلم أن الناس في شأنه # ثَلاثُ طَوائِفَ: مُحِبُّ له المحبَّةَ التي أمر الله بها ورسوله ÷ وحَثّ عليها رسول الله ÷ وجعلها علامة الإيمان، ومُحِبُّ غَلا وأَفْرَطَ وَأَلْحَدَ وَأَشْرَكَ كما ذُكِرَ، ومُبْغِضُ مُحَارِبُ مُفْتَرٍ ضَالٌ؛ فذلك كَمَنْ حَارَبَهُ وعاداه وافترى عليه؛ وتمثيله ÷ له # بعيسي # قَدْ فَصَّلَهُ ÷ بالطائفتين الهالكتين: المُبْغِضِ، والغالي؛ والبيت إشارة إلى الثلاث الطوائف الطائفة الأولى: بقوله: فسعيدا، والطائفتين الأُخْرَيَيْنِ: بقوله: وَشَقِيًّا؛ فَإِنَّهُمَا وَإِنِ اخْتَلَفَنَا فِي جِهَةِ الشَّقاء، إحداهما: بإفراط المحبة، والأخرى: بالبغضاء - فقد جمعتهما الشقاوة، وعيسى # قد كانَتِ الطوائفُ فيه ثلاثًا: الطائفة الأولى: الحواريون الذين قالوا وعيسى فيه ما قاله الله فيه # من أنه روح الله وكلمته ألقاها إلى مريم، ونبيه؛ وهم الذين سَعِدُوا. والطائفة الثانية: هم الذين قالوا: هو ابنُ الله؛ وهم النصارى. والطائفة الثالثة: اليهود الذين افْتَرَوْا عليه وعلى أمّه؛ فالبَيْتُ قَدْ شَبَّهَ حال الوصي # بحال عيسى # بالثلاث الطوائف التي جمعتها صِفَةُ السَّعَادَةِ وَالشَّقَاوَةِ.
  وأما الحديث النبوي الذي مثل فيه # بعيسى # فهو قد بَيَّنَ شَبَهَهُ بِطَائِفَتَي
= والكامل في الضعفاء ٣/ ٤٣٥، والجرح والتعديل ٤/ ٢٧٨. وذكر طه حسين أن خصوم الشيعة اخترعوه لكي ينسبوا التشيع إلى شخص يهودي، فأين ابن سبأ في صفين؟ وأين هو بعد مقتل الإمام علي #؟ وكيف يقبل الشفاعة فيه وهو يعلم أنه ضال مضل؟ وإذا ثبتت توبته فكيف ينفيه، ويترك له الحرية لنشر أقواله؟ وأين ابن سبأ في عهد معاوية بن أبي سفيان؟ وما دوره؟ وأين تزاحمه؟ ولماذا لم يقتله معاوية ثأرًا لعثمان على حد زعمهم؟! وينظر: عبد الله بن سبأ، لـ مرتضى العسكري.
(١) شرح النهج ٢/ ٩٩، وذخائر العقبى ص ٩٣.