الروضة الندية شرح التحفة العلوية،

محمد بن إسماعيل بن صلاح الأمير (المتوفى: 1182 هـ)

وإذا قد ذكرنا اسمه # فنذكر صفته #:

صفحة 162 - الجزء 1

  أَلَا تَرَوْن قد حَفَرْتُ حَفَرَا ... إِنِّي إِذَا رَأَيْتُ أَمْرًا مُنْكَرا

  أَوْقَدْتُ نَارِي وَدَعَوْتُ قَنَّبُرَا⁣(⁣١)

  وقال ابن أبي الحديد | وروى أصحابنا في كتب المقالات أنهم قالوا: الآن ظَهَرَ ظُهُورًا بَيِّنًا أنك الإله؛ لِأَنَّ ابْنَ عَمِّكَ الذي أَرْسَلْتَهُ قَالَ: لَا يُعَذِّبُ بِالنَّارِ إِلَّا رَبُّ النَّارِ! وروى أبو العباس⁣(⁣٢) أن عَليًّا # مَرَّ بِهِمْ وهم يأكلون في رمضان نهارًا! فقال: أَسَفْرُ أَمْ مَرْضَى؟ قالوا لا واحدة! قال: أَفَمِنْ أَهْلِ الكتابِ أَنْتُمْ؟ قالوا: لا، قال: فما بَالُ الأَكْل في رَمَضَانَ؟ قالوا أَنْتَ أَنْتَ! لَمْ يزيدوه على ذلك! فَفَهِمَ مُرَادَهُمْ، فَنَزَلَ عن فرسه فألصق خده بالتراب، فقال: وَيْلَكُمْ إِنَّمَا أَنَا عَبْدُ من عبيد الله، فاتقوا الله وارجعوا إلى الإسلام، فَأَبَوْا، فدعاهم مِرَارًا، فأقاموا على أمرهم؛ فنهض عليهم، ثم قال: شُدُّوهُمْ وِثَاقًا، وعَلَيَّ بِالفَعَلَةِ والنَّارِ وَالْحَطَبِ، ثم أمر بحفرتين فَحُفِرَتَا وجعل إِحْدَاهُمَا سَرَبًا⁣(⁣٣)، والأخرى مكشوفة، وألقى الحطب في المكشوفة وفَتَحَ بينهما فَتْحًا، وألقى النار في الحطب ودَخَنَ عليهم، وجعل يهتف بهم ويناشدهم: ارجعوا إلى الإسلام؛ فَأَبَوْا؛ فأمر بالحطب والنار فَأُلْقِى عليهم فَأُخْرِقُوا، قال الشاعر:

  لِتَرْم فِي المَنِيَّةُ كَيْفَ شَاءَتْ ... إِذَا لَمْ تَرْم بي فِي الْحُفْرَتَيْنِ

  إِذَا مَا حُشتَا⁣(⁣٤) حَطَبًا بِنَارٍ ... فَذَاكَ الْمَوْتُ نَقْدَا غَيْرَ دَيْن

  ولم يبرح # واقفًا عليهم حتى عادوا حمما، وقال أبو العباس الثقفي⁣(⁣٥):

  ثم إن جماعة من أصحاب علي # شَفَعُوا في عبدالله بن سبأ⁣(⁣٦) خاصة، وقالوا: يا


(١) الكامل ٣/ ١١٨٣، وتاريخ دمشق ٤٢/ ٤٧٥، والجامع الكبير ١٦/ ١٧٦ رقم ٧٥٥٦، وشرح النهج ٢/ ٩٨.

(٢) أحمد بن عبيد الله بن محمد الثقفي، كاتب، مؤرخ، أديب، شيعي كوفي، ت: ١٦٦ هـ، وله مقاتل آل أبي طالب، والأنوار في النجوم، وأخبار حجر بن عدي، وتفضيل بني هاشم وأوليائهم وذم بني أمية. الأعلام ١/ ١٦٦.

(٣) السَّرَبُ بالتحريك: الحفير تحت الأرض.

(٤) في الأصل: إذا ما أوقدوا، وما أثبتناه من شرح النهج ٢/ ٩٩.

(٥) في الأصل: المبرد، والصواب ما أثبتناه.

(٦) أُعْطِيَ دَوْرًا وَهْمِيَّا في الفتنة لا صحة له، اخترع قصته سيف بن عمر التميمي الذي أجمع علماء الجرح والتعديل على تجريحه، بل واتهامه بالزندقة، وَوَضْع الحديث. المجروحين لابن حبان ١/ ٤٣٩، =