فائدة: [شبه علي # بخمسة من الأنبياء]
  خصالهم: فَمِنْ آدم أبي البَشَرِ العِلْمَ؛ فإن الله تعالى خصّه بأنه علمه الأسماء كلها، ثم أبان فضله بذلك على ملائكته، ونَوَّهَ بعلمه حيث عرض عليهم أسماء المسميات فطلب منهم تعالى إِنْبَاءَهُ بأسمائهم فعجزوا؛ فطلب من آدم # إِنْبَاءَهُمْ فأنبأهم # بها؛ فهذه فضيلة من أشرف فضائل آدم # التي شُرِّفَ بها بين الملأ الأعلى.
  وشبهة بنوح # في فَهْمِهِ؛ لأنه أمره الله تعالى بِصَنْعَةِ الفلك، وفيها من دقائق الإحكام والإتقان ما لا تحصره الأقلام، ولا تدركه بفهمها الأنام، وكانت لم يَعْرِفْهَا قَوْمُهُ، ولا اهتدى إليها فكر قبل ذلك، وكان فيها من الإتقان والبيوت التي في جوفها له، ولمن معه، وللأنعام، والوحوش، والسباع، والطير، واختلافها طولا وعرضًا، وأنها كجؤجؤ الطائر، وقد جعل الله الحمل فيها من آياته حيث قال: {وَءَايَةٞ لَّهُمۡ أَنَّا حَمَلۡنَا ذُرِّيَّتَهُمۡ فِي ٱلۡفُلۡكِ ٱلۡمَشۡحُونِ ٤١}[يس: ٤١]. وَعَدَّدَ الامتنانَ بها في الذكر في عدة من الآيات وناهيك أنه قرن إجراءه تعالى لها مع خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار! فالمُرَادُ فَهْمُهُ لِمَا ألهمه الله من صنعها؛ ولذلك جعل صَنْعَتَهَا مُقَيَّدَةً بأعيننا في قوله: {وَٱصۡنَعِ ٱلۡفُلۡكَ بِأَعۡيُنِنَا}[هود: ٣٧]. وقوله في الحديث: «في حُكْمِهِ» أي في إحكامه الناشيء عن علمه وقوته وصحته، ويحتمل أن المراد فَهْمُهُ العَامُّ في صنعة الفلك وغيره مِنْ فَهْمِهِ عن الله تعالى أَمْرُهُ.
  وشَبِّهَهُ ÷ بالخليل في حلمه، وهو من أشرف الصفات؛ ولذلك قيل: ما نَعَتَ الله الأنبياء $ بأقل مما نعتهم بالحلم وذلك لعزة وجوده، ولقد نعت الله به إبراهيم # بقوله تعالى: {إِنَّ إِبۡرَٰهِيمَ لَأَوَّٰهٌ حَلِيمٞ ١١٤}[التوبة: ١١٤] {إِنَّ إِبۡرَٰهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّٰهٞ مُّنِيبٞ ٧٥}[هود: ٧٥] ومِنْ حِلْمِ الخليل # مُجَادَلَتْهُ عن قوم لوط لما قالت الملائكة $: {إِنَّا مُهۡلِكُوٓاْ أَهۡلِ هَٰذِهِ ٱلۡقَرۡيَةِۖ}[العنكبوت: ٣١] فـ {قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطٗاۚ} في عدة من الآيات. ومن حلمه # الذي تَخِفُّ عنه رواسي الجبال امتثاله لأمر الله بذبح ولده الله، وإضجاعه، وَكَتْفِهِ لَهِ وَإِمْرَارِ الْمُدْيَةِ