فائدة: [شبه علي # بخمسة من الأنبياء]
  على طلبهما، والفَخْرِ بِحِيَازَتِهِمَا؛ لذلك قال الشافعي ¥:
  قِيمَةُ الْمَرْءِ عِلْمُهُ عند ذِي العِلْـ ... ـمِ وَمَا فِي يَدَيْهِ عِنْدَ الرَّعَاعِ
  فَإِذَا مَا جَمَعْتَ عِلْمًا ومَالًا ... كُنْتَ عَيْنَ الوُجُودِ بِالْإِجْمَاعِ(١)
  ولَمَّا شَبَّةَ العِلْمَ بالمال أثبت له ما هو من لوازم المال وهو ما يَجْمَعُهُ ويُحْفَظُ فيه من المكان، وجعل المكان المدينة؛ لأنه لم يُرِدْ نوعًا من العلم مُشَبَّها بنوع من المال بل علومًا جَمةً واسعة من فنون مختلفة: كالأموال المتعددة الأنواع التي لا تحفظها إلا مدينة، ثم طوى ذكر الْمُشَبَّه به - أعني المال - كما هو شأن الْمَكْنِيَّةِ وَرَمَزَ إِليه بلازمه وهو المدينة استعارةً تخييليةً، ثم أثبت لها الباب ترشيحا مثل قولهم: أظفار المنية أُنْشِبَتْ بفلان، ثم حَمَلَ قوله: «مَدِينَةُ العِلْمِ» على ضمير نفسه ÷، وأخبر عنه بها وأخبر عن علي # بأنه بابها، فلما كان الباب للمدينة من شأنه أن يُجْلَبَ منه إليها مَنَافِعُهَا، ويُسْتَخْرَجُ منه إلى غيرها مَصَالِحُهَا - كان فيه إِيْهَامُ أَنه ÷ يَسْتَمِدُّ من غيره بواسطة الباب الذي هو علي # - دفع هذا الإيهام ÷ بقوله: «مَنْ أَرَادَ العِلْمَ فَلْيَأْتِ مِنَ الْبَاب» في رواية ابن عباس إخبارًا بأن هذا باب يُسْتَخْرَجُ منه العلوم، ويُسْتَمَدُّ بواسطته ليس له من شأن الباب إلا هذا، لا كسائر الأبواب في المدن فإنها للجلب إليها والإخراج منها، فَلِلَّهِ دَرُّ شأن الكلام النبوي ما أرفع شأنه! وأشرفه وأعظم برهانه! ويحتمل وُجُوهٌا من التخريج أُخَرَ؛ إلا أن هذا أَنْفَسُهَا.
  وإذا عرفت هذا عرفت أنه قد خص الله الوصي # بهذه الفضيلة العجيبة، ونَوَّهَ بشأنه على لسان نبيه؛ إذ جعله باب أشرف ما في الكون وهو العلم، وأنه منه يَسْتَمِدُّ ذلك مَنْ أراده، ثم إنه باب لأشرف العلوم وهي العلوم النبوية، ثم لأجمع خلق الله علمًا وهو سيد رسله ÷، وأن هذا الشرف يتضاءل عنه كُل شرف، ويُطَأْطِئُ رَأْسَهُ تعظيمًا له كُلُّ مَنْ سَلَفَ وخَلَف. وكما خصه الله بأنه مدينة العلم
(١) لم أجده في ديوان الشافعي، وهو غير منسوب في يومياتٍ شَامِيَّة لابن كنان ص ٤.