الروضة الندية شرح التحفة العلوية،

محمد بن إسماعيل بن صلاح الأمير (المتوفى: 1182 هـ)

ذكر بيعته #، وخروجه إلى معاوية، وتسليمه إليه الأمر

صفحة 288 - الجزء 1

  وكان ¥ يقولُ: مَا أَحْبَبْتُ منذ علمتُ بما ينفعني ويضرني أَنْ أَلِي أَمْرَ أُمَّةِ محمد ÷ على أن يُهْرَاقَ في ذلك مَحْجَمَةٌ دَمِ! ورُوِيَ أَنه كان أناس من أصحاب الحسن # يقولون له: يَا عَارَ الْمُؤْمِنِينَ! فيقول: العَارُ خَيْرٌ مِنَ النَّارِ [الاستيعاب ١/ ٤٣٨].

  وعن أبي الغريف⁣(⁣١) قال: كنا في مقدمة الحسن بن علي # اثني عشر ألفًا مُسْتَمِيْتِينَ حِرْصًا على قتال أهل الشام، فلما جاء بالصلح الحسن بن علي # فكأنما كُسِّرَتْ ظُهورُنَا من الغيظ والحزن، فلما جاء الحسنُ الكوفة أَتَاهُ شَيخٌ مِنَّا يكنى أبا عامر سفيان بن أبي ليلى، فقال: السلام عليك يا مُذِلَّ رِقَابِ المؤمنين! فقال: لا تَقُل يا أبا عامر؛ فَإِنِّي لم أُذِلَّ الْمُؤْمِنِينَ، وَلَكِنْ كَرِهْتُ أَنْ أَقْتُلَهُمْ فِي طَلَبِ الْمُلْكِ. أخرجه أبو عمر⁣(⁣٢). وروى في الذخائر [١٤٠] أبو سعيد أنه لما تم الصلح خطب الحسن #، فقال في خطبته - بعد الحمد والثناء: أَيُّها الناس مَنْ عَرَفَنِي فَقَدْ عَرَفَنِي، ومَنْ لَمْ يَعْرِفْنِي فَأَنَا الْحَسَنُ بنُ عَلى بن أبي طالب، أنا ابْنُ البشير، أنا ابْنُ النَّذِير، أنا ابْنُ السِّرَاجِ الْمُنِيرِ، أنا ابْنُ مَنْ بُعِثَ رَحمةٌ للعَالَمِينَ، أنا ابْنُ مَنْ بُعِثَ إلى الجن والإنْسِ، أنا ابْنُ مَنْ قَاتَلَتْ مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ، أَنَا ابْنُ مَنْ جُعِلَتْ له الأرضُ مَسْجِدًا وطَهُورًا، أنا ابْنُ مَنْ أَذْهَبَ الله عنهم الرِّجْسَ وطَهَّرَهُمْ تَطْهِيرًا، أنا ابْنُ مَنْ كَانَ مُسْتَجَابَ الدَّعْوَةِ، أَنَا ابْنُ الشَّفِيعِ الْمُطَاعِ، أَنا ابْنُ أَوَّلِ مَنْ تَنْشَقُ عنه الأرضُ، وأولِ مَنْ يَقْرَعُ بَابَ الجنةِ، أنا ابْنُ أُولِ مَنْ يَنْفُضُ التُّرَابَ عَنْ رَأْسِهِ، أنا ابْنُ مَنْ رِضَاهُ رِضَا الرحمن، وسُخَطُهُ سُخط الرحمن، أنا ابْنُ مَنْ لا يُسَامَى كَرَمًا، فقال له معاوية: حَسْبُكَ يا أبا محمد! ما


= حسن فرحان المالكي في كتابه في الرد على الشيخ عبدالله السعد في موضوع الصحبة والصحابة ص ٢٢٦ روايات الحديث، وذكر أن رواية: «ابني هذا سيد» صحيحة، أما الزيادة بأن الله يصلح به بين فئتين من المسلمين، فنسبها إلى أبي بكرة راوي الحديث، فراجع.

(١) عبيد بن خليفة، وقيل: عبيد الله بن خليفة الهمداني تابعي قليل الحديث كان على شرطة علي #، روى له النسائي وابن ماجة. ينظر: تهذيب الكمال ١٩/ ٣١، وإكمال تهذيب الكمال ٩/ ١٤.

(٢) الاستيعاب ١/ ٤٣٨، وتاريخ دمشق ١٣/ ٢٧٩.