الروضة الندية شرح التحفة العلوية،

محمد بن إسماعيل بن صلاح الأمير (المتوفى: 1182 هـ)

ذكر بيعته #، وخروجه إلى معاوية، وتسليمه إليه الأمر

صفحة 287 - الجزء 1

  الحسنَ أَكثَرُ مِنْ أربعين أَلْفًا، كُلُّهُمْ قد بايع أباه قبله على الموت، وكانوا أَطْوَعَ للحسن، وأَحَبَّ فيه منهم في أبيه، فَبَقِيَ سَبْعَةَ أشهرٍ خَلِيفَةً بالعراق وما وراء النهر من خراسان، ثم سار إلى معاوية، وسار معاوية إليه، فَلَمَّا تَرَاءى الجمعان بموضع يقال له مَسْكِن⁣(⁣١) في ناحية الأنبار من أرض السواد - علم أنه لن يغلب إحدى الفئتين حتى تَذْهَبَ أكثر الأخرى؛ فكتب إلى معاوية يُخْبِرُهُ أَنه يُصَيِّرُ الْأَمْرَ إليه على أن يشترط عليه ألا يَطْلُبَ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، والحجاز، والعراق بشيءٍ مِمَّا كان من أيام أبيه #، فأجابه معاوية إلا أنه قال: عَشَرَةُ أَنْفُسٍ فَلَا أؤَمِّنْهُمْ، فراجعه الحسن #؛ فكتب إليه معاوية يقول: إني قد آليتُ إني متى ظَفِرتُ بقيس بن سعد أن أقطع لسانه ويده، فَرَاجَعَهُ الحَسَنُ: إني لا أبايعك أبدا وأنتَ تطلبُ قَيْسًا أو غيرَهُ بِتَبِعَةٍ قَلَّتْ أو كَثُرَتْ؛ فبعث إليه معاوية حينئذ برقٌ أبيض، وقال له: اكتب ما شئتَ فيه فأنا أَلْتَزِمُهُ، فَاصْطَلَحَا عَلَى ذلك، واشترط عليه الحسن أن يكون له الأمرُ مِنْ بعده، فَالْتَزَمَ ذلكَ كُلَّهُ معاوية واصطلحا على ذلك، وكان كما قال رسول الله ÷: «إِنَّ اللهَ سَيُصْلِحُ به بين فئتين عظيمتين من المسلمين»!⁣(⁣٢)


= الوردية، وقد طال الكلام في هذا المعنى، وهو كالخارج عما نحن فيه، لكن أردت بيان جلية الأمر في صلح الحسن حين رأيت ما كان من الشطط وكثرة اللغط، واختلاط الصواب بالغلط، ونرجع إلى ما كنا بصدده. انتهى كلامه. قلت: وقال الإمام المنصور بالله في الشافي ١/ ٢٩٤ تخلى الحسن بن علي # بن رسول الله ÷ وثمرة فؤاده وريحانته .... لمعاوية بن صخر قائد الأحزاب، سليل آكلة أكباد الشهداء ... لما خذله أنصاره وتخاونوا، بل خانه أولياؤه، وتناصح في عناده أعداؤه سنة إحدى وأربعين لخمس بقين من شهر ربيع الأول، فبايع الناس معاوية؛ فسمي العام عام الجماعة. وقد أطال المنصور بالله حول صلح الحسن في كتابه الشافي ٤/ ١٨٦، وكذلك السيد الحسن بن الحسين بن محمد الحوثي في التعليق الوافي في تخريج الشافي. وينظر مع عبدالله السعد في الصحبة والصحابة للشيخ حسن المالكي ٢٢٦ - ٢٦١.

(١) قال في القاموس ١٥٥٦: مَسْكِن كمسجد موضع بالكوفة. وقال الشارح: قال نصر: صقع بالعراق.

(٢) البخاري ٢/ ٩٦٢ رقم ٢٥٥٧، وأبو داود ٥/ ٤٨ رقم ٤٦٦٢، والترمذي ٥/ ٧١٦ رقم ٣٧٧٣، والنسائي ٣/ ١٠٧ رقم ١٢١٠، ومسند أحمد ٧/ ٣٢١ رقم ٢٠٤٧٠ (ر)، وابن حبان ١٥/ ٤١٨ رقم ٦٩٦٤، والطبراني في الكبير ٣/ ٣٣ رقم ٢٥٨٨، والأوسط ٢/ ١٤٧ رقم ١٥٣١، وابن أبي شيبة ٦/ ٣٧٨ رقم ٣٢١٧٨ (ر)، وسنن البيهقي ٦/ ١٦٥ رقم ١١٧٠٥ (ر)، وحلية الأولياء ٢/ ٤٤ رقم ١٤٢٤، والمستدرك ٣/ ١٧٤، ١٧٥، وابن عبدالبر في تهذيب تاريخ دمشق ٤/ ٢٢٦. وذكر العلامة =