هَذَا جَنَايَ وخِيَارُهُ فِيه ... وكُلُّ جَانٍ يَدُهُ إِلَى فيه

  لا تَغُرِّيْنِي وغُرِّي غَيْرِي⁣^(⁣١).

  وأخرج أحمد بن حنبل في الزهد، وعبد بن حميد، والعقيلي، والقزويني، عن أبي مطر قال: خرجت من المسجد فإذا رَجُلٌ يُنَادِي خَلْفِي: ارْفَعْ إِزَارَكَ فَإِنَّهُ أَتْقَى لِرَبِّكَ، وأَنْقَى لِتَوبِكَ، وخُذْ مِنْ رَأْسِكَ إِنْ كُنْتَ مُسْلِمًا! فَإِذَا هُوَ عَلِيٌّ وَمَعَهُ الدَّرَّةُ!⁣^(⁣٢) فانْتَهَى إلى سوق الإبل، فقال: بيعوا ولا تحلفوا؛ فإنَّ اليمين تُنفّقُ السَّلْعَةَ وتَمْحَقُ البركة! ثم أتى صاحب التمر فإذا خَادِمُ تَبْكِي؛ فقال: ما شَأْنُكِ؟ فقالت: بَاعَنِي هذا بِدِرْهَم تَمْرًا فَأَبَى مَولايَ أَنْ يَقْبَلَهُ، فقال: خُذْهُ وأَعْطِهَا دِرْهَمَهَا فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهَا أَمْرُ، فَكَأَنَّهُ أَبَى، فقلت: أَلَا تَدْرِي مَنْ هَذَا؟ قال: لا، فقلت: هذا على أمير المؤمنين! فَصَبَّ تَمْرَهُ، وأَعْطَاهَا دِرْهَمَهَا، وقال: أُحِبُّ أَنْ تَرْضَى عَنِّي يا أميرَ المؤمنين! قال: ما أَرْضَانِي عنك إِذَا أَوْفَيْتَهُمْ! ثم مَرَّ مُجْتَازًا بِأَصْحَابِ التَّمْرِ، فقال: أَطْعِمُوا المسكين يَزِدْ كَسْبُكُمْ! ثم مَرَّ مُجْتَازًا حَتى أَتَى صَاحِبَ السَّمَكِ، فقال: لا يُباع في سُوقِنَا طَافٍ! ثم أتَى دَارَ بَزَّاز وهو سوق الكرابيس، فقال: يا شيخُ أَحْسِنُ بَيْعِي في قميص بثلاثة دراهم، فَلَمَّا عَرَفَهُ لَم يَشْتَرِ مِنه شَيْئًا، ثم أَتَى غُلَامًا حَدَثًا، فاشترى منه قَمِيصًا بثلاثة دراهم، ولَبِسَهُ ما بين الرُّسْغَينِ إلى الكَعْبَينِ، فَجَاءَ صاحبُ الثوب فقيل: إِنَّ ابْنَكَ بَاعَ مِنْ أمير المؤمنين قميصا بثلاثة دراهم فقال: هَلَّا أَخَذْتَ منه دِرْهَمَيْنِ؟ فَأَخَذَ الدرهِمَ ثُمَّ جَاءَ به إلى علي #، فقال: أَمْسِكْ هَذَا الدَّرْهَمَ، قال: ما شَأْنُهُ؟ قال: كان ثَمَنُ قَمِيصِنَا دِرْهَمَينِ! بَاعَكَ ابْنِي بثلاثةِ دَرَاهِمَ، قال: بَاعَنِي بِرِضَائِي وأَخَذْتُ بِرِضَاهُ!⁣^(⁣٣).

= وتصحف شريف.

(١) الأموال ص ٢٧٤ رقم ٦٧٥، ومناقب الكوفي ٢/ ٥٣٠ رقم ٥٤١، ومناقب المازندراني ٢/ ١١٠، والاستيعاب ٣/ ٢١٢، وتاريخ دمشق ٤٢/ ٤٧٨.

(٢) بضم الدال اللؤلؤة العظيمة جمعها در ودرر كغرفة وغرف وبكسر الدال السوط، يجمع على دِرَرٍ كسدرة وسدر، ودرة بالفتح درة البول بوزن جرة. اهـ ملخصا من القاموس ٥٠٠، والمختار ٢٠٢.

(٣) فضائل الصحابة ١/ ٦٤٨ رقم ٨٧٨، ومناقب الكوفي ٢/ ٦٠ رقم ٥٤٧، وتيسير المطالب ٩٠، ومسند =