مقدمة المؤلف
  وروى الإمام أحمد أن النبي ÷ قال لعلي بن أبي طالب: «سَلَامُ عَلَيْكَ يَا أَبَا الرَّيْحَانَتَيْنِ فَعَنْ قَلِيل يَذْهَبُ رُكْنَاكَ واللهُ خَلِيفَتِي عَلَيْكَ» فلما قُبِضَ رسول الله ÷ قال علي كرم الله وجهه: هذا أحد الركنين، فلما ماتت فاطمة قال: هذا الركن الآخر»(١)، وكَنَاهُ رسول الله ÷ بأبي تراب: عن سهل بن سعد قال: أتى النبي ÷ فاطمة قال: أَيْنَ ابْنُ عَمِّكِ؟ فقالت: هُوَ ذَا مُضْطَجِعُ في المَسْجِدِ؛ فخرج النبي ÷ فوجد رِدَاءَه قد سقط عن ظهره فجعل النبي ÷ يَمْسَحُ التَّرَابَ عن ظهره ويقول: «اجلس أبا تُرَاب»، والله ما كان اسْمُ أَحَبَّ إلى عَلِيٌّ منه؛ ما سَمَّاهُ إِيَّاهُ إِلا رسولُ اللهِ ÷ أخرجه البخاري ومسلم(٢). وقد جاء في الصحيح مِنْ شِعْرِهِ(٣):
  أَنَا الَّذِي سَمَّتَنِي أُمِّي حَيْدَرَه
  وحيدرة من أسماء الأسد، وكانت أمه فاطمة بنت أسد ^ لما ولدته سمته باسم أبيها، فلما قدم أبو طالب(٤) كره ذلك وَسَمَّاهُ عَلِيًّا(٥)، وكان يلقب بيضة البلد، وبالأمين، وبالشريف، والهادي، والمهتدي، وذي الأُذُنِ الواعية(٦)،
= المرشد بالله ١/ ١٣٩، والدر المنثور ٦/ ٢١٧، ٥/ ٤٩٢، وعزاه في كنز العمال ١١/ ٦٠١ رقم ٣٢٨٩٨ إلى أبي نعيم في المعرفة. والقرطبي في جامعه ١٥/ ١٥: «سُبَاقُ الْأُمَمِ ثَلَاثَةٌ لم يكفروا بالله طرفة عين: علي بن أبي طالب وهو أفضلهم، ومؤمن آل فرعون، وصاحب يس فهم الصديقون»، وشواهد التنزيل ٢/ ٢٢٤ من رقم ٩٣٨ - ٩٤٢.
(١) فضائل الصحابة لأحمد ١/ ٧٧٣ برقم ١٠٦٧، وأمالي أبي طالب ١٣٨، والمحب الطبري في الذخائر ٥٦.
(٢) البخاري ١/ ١٦٩ برقم ٣٤٠، ومسلم ٤/ ١٨٧٥ برقم ٢٤٠٩ باختلاف بعض ألفاظه وزيادة، وابن عساكر في مختصره ١٧/ ٣٠١، وأبو طالب ص ٧١، ومناقب ابن المغازلي ص ٦٠ - ٦١.
(٣) أخرجه مسلم ٣/ ١٤٤١ في باب الجهاد، والحاكم ٣/ ١٠٨.اهـ.
(٤) عم النبي وكافله، ومربيه ومناصره، وسيد مكة من الخطباء والعقلاء الأباة، شاعر بليغ. اختلف في إسلامه؛ فأكثر الزيدية والإمامية يقولون بإسلامه، وهو قول كثير من العلماء. ينظر: أسنى المطالب في نجاة أبي طالب، والشافي ١/ ٥٥١، وعمدة الطالب ص ٤٠، والأعلام ٤/ ١٦٦، وشيخ الأبطح: تأليف محمد علي شرف الدين.
(٥) تاريخ دمشق ٤٢/ ١٧.
(٦) قال أبو نعيم في معرفة الصحابة ١/ ٢٩٦ ومن أساميه المشتقة من أحواله: أمير المؤمنين، ويعسوب الدين والمسلمين، ومبيد المشركين، وأبو الريحانتين، وذو القرنين، وذو الفراش، والهادي، والواعي، والشاهد، وباب المدينة، وبيضة البلد.