الروضة الندية شرح التحفة العلوية،

محمد بن إسماعيل بن صلاح الأمير (المتوفى: 1182 هـ)

ذكر أنه يقاتل على تأويل القرآن كما قاتل رسول الله ÷ على تنزيله

صفحة 349 - الجزء 1

  لا، قال عمر: أنا هو يا رسول الله؟ قال: لا، ولكن خَاصِفُ النَّعْل، وكان أعطى عَليًّا # نعله يخصفها! أخرجه أبو حاتم. وخَصْفُ النعل: إطباق طاق على طاق. ومنه قوله تعالى: {وَطَفِقَا يَخۡصِفَانِ عَلَيۡهِمَا مِن وَرَقِ ٱلۡجَنَّةِۖ}⁣[الأعراف: ٢٢].

  وبه هَدَّدَ رسولُ الله ÷ قريشا: كما أخرجه الترمذي وقال: حسن، وأخرجه الخطيب، وقد تقدم من حديث علي #، قال: لما كان يوم الحديبية خرج إلينا ناس من المشركين، معهم سهيل بن عمرو من رؤساء المشركين، فقالوا: يا رسول الله خَرَجَ إليك ناس من أبنائنا، وإخواننا، وأَرقَائِنَا، وليس معهم فقه في الدين؛ وإنما خرجوا فرارًا من أموالنا، وضياعنا؛ فارددهم إلينا، فإن كان بهم فقه في الدين فَسَنُفَقهَهُمْ، فقال النبي ÷: يا معشر قريش لَتَنتهُنَّ أَوْ يَبْعَثُ الله عليكم مَنْ يَضْرِبُ رقابكم بالسيف على الدِّينِ، قد امْتَحَنَ الله قلبه على الإيمان! فقالوا: مَنْ هو يا رسول الله؟ وقال أبو بكر: من هو يا رسول الله؟ وقال عمر: من هو يا رسول الله؟ فقال: هو خَاصِفُ النعل، وكان أعطى عَلِيًّا نعله يخصفها! ثم التفت إلى من عنده وقال: إنَّ رسول الله ÷ قال: «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ»⁣(⁣١).

  وفي الجامع الكبير للحافظ السيوطي | من حديث ابن عباس ®، قال: عُقِم النِّسَاءُ أَنْ يَأْتِينَ بمثل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب؛ والله ما رأيتُ ولا سمعتُ رئيسًا يُوزَنُ به! لَرَأَيْتُهُ يومَ صِفِّيْنَ على رأسِهِ عِمَامَةٌ بيضاء قد أرخى طرفها كأن عينيه سراجا سليط، وهو يقف على شرذمة شرذمة يَحُضُهُمْ حتى انتهى إليَّ - وأنا في كثف من الناس - فقال: معشر المسلمين استشعروا الخشية، وغُضُّوا الأَصْوَاتَ، وتَجَلْبَبُوا السكينة، وأَعْمِلُوا الأسنةَ، وقَلْقِلُوا السيوف في الأَغمادِ قبل السَّلَّةِ، الْحَظُوا الخَزْرَ [وَأَبْلِغُوا الوَخْز]، ونَافِحُوا الظُّبَا، وصِلُّوا السيوف بالخطا، والنبال بالرماج؛ فَإِنَّكُمْ بعينِ اللهِ مَعَ ابْنِ عَم رسول الله عَاوِدُوا الكَرَّ، واسْتَحْيُوا مِنَ الْفَرِّ؛ فإنه عَارٌ بَاقٍ في


(١) الترمذي ٥/ ٥٩٢ رقم ٣٧١٥، والطبراني في الأوسط ٤/ ١٥٨ رقم ٣٨٦٢، ومسند البزار ٢/ ١٠ رقم ٩٠٥، وأسد الغابة ٤/ ٩٩.