ذكر أنه يقاتل على تأويل القرآن كما قاتل رسول الله ÷ على تنزيله
  الأعقاب والأعناق، ونَارُ يومَ الحساب، وطيبُوا عن أنفسكم نَفْسًا، وامْشُوا إلى الموتِ سُجُحا(١)، وعليكم بهذا السَّوَادِ الأعظم، والرِّواقِ الْمُطَنَّبِ(٢)، فَاضْرِبُوا ثَبَجَهُ؛ فَإِنَّ الشيطانَ راكبٌ ضَبْعَيْهِ، ومُفْتَرِشُ ذِرَاعَيْهِ، قَدْ قَدَّمَ لِلْوَثْبَةِ يَدًا، وَأَخَّرَ لِلنُّكُوصِ رِجْلًا! فَصَمْدًا صَمْدًا حَتَّى يَنْجَلِ لكم عمود الدين، {وَأَنتُمُ ٱلۡأَعۡلَوۡنَ وَٱللَّهُ مَعَكُمۡ وَلَن يَتِرَكُمۡ أَعۡمَٰلَكُمۡ ٣٥}[محمد: ٣٥](٣).
  قلتُ: والاستيفاء لهذا الشأنِ مُحَالٌ، وإنما هذه كلمات تناسب قدر هذه الأبيات. وعَجُزُ البيتِ قد أشار إلى ما ختم الله تعالى لِوَصِيَّ رَسُولِهِ مِنَ الفوز بالشهادة، وبلوغ رتبتها؛ تَمَامًا على الذي أحسن؛ فَلْتَذكُر خلاصة مقتله #، ولعنة الله على قاتله.
  وقوله: (أَشْقَى الْوَرَى): من الشقاوة: وهي ضِدُّ السعادة، وأشقى اسم تَفْضِيل مُضَافُ إِلى مَنْ فُضَّلَ عليه وهُمُ الوَرَى، وقد ثبت تسمية قاتله (أشقى الآخرين): كما أخرجه أحمد بن حنبل في المناقب عن علي #، قال: قال رسول الله ÷: «يَا عَلى أَتَدْرِي مَنْ أَشْقَى الْأَوَّلِيْنَ؟» قلتُ: الله ورسولُهُ أَعْلَمُ، قال: «عَاقِرُ النَّاقَةِ! أَتَدْرِي مَنْ أَشْقَى الْآخِرينَ؟» قلتُ: الله ورسولُهُ أَعْلَمُ، قال: «قَاتِلُكَ». وأخرجه ابن الضحاك(٤)، وقال: «أَشْقَى الْآخِرِينَ الَّذِي يَضْرِبُكَ عَلَى
(١) مصدر بابه تعب؛ فهو وصف بالمصدر، أو سَجِيحٍ كَبَرِيدٍ وبُرُدِ، وَعَظِيمٍ وَعُظَمَاءِ. وَإِمَّا مِن بَاب قَطَعَ، وليس بمراد هنا. وإن كان موضوعًا. وسَجِحَ الخَدُّ كَفَرِحَ: لَانَ وَسَهُلَ. قال الأزهري: هو أن يعتدل في مشيه. وقال الإمام محمد عبده بضمتين: السَّهْلُ نهج البلاغة ١/ ١٨٧ رقم ٦٤، والقاموس ٢٨٥، وشرح النهج ٢/ ٢٠٣ رقم ٦٥.
(٢) الرواق: هو سقف في مقدم البيت. والمطنّب: المستند. والثبج: ما بين الكاهل إلى الظهر. وفي (ب): أي وسطه.
(٣) الجامع الكبير للسيوطي ١٦/ ١٩٦ رقم ٧٦٣٢. وقد تقدم.
(٤) مسند أحمد ٦/ ٣٦٥ رقم ١٨٣٤٩، ومسند البزار ٤/ ٢٥٤ رقم ١٤٢٤، وأحمد في فضائل الصحابة ٢/ ٦٩٨ رقم ٩٥٣، والجامع الكبير للسيوطي ١٦/ ٣٨٢ رقم ٧٩٧٠، و ٢٨٣ رقم ٧٩٧٢، والنسائي في الخصائص ص ١٣٠ رقم ١٤٩، والطبراني في الكبير ١/ ١٠٦ رقم ١٧٣، ٢/ ٢٤٧ رقم ٢٠٣٧، و ٨/ ٨٣ رقم ٧٣١١، ومسند أبي يعلى ١/ ٤٣٠ رقم ٥٦٩ و ١/ ٣٧٧ رقم ٤٨٥، وابن المغازلي ١٩٤ رقم ٢٤١، وتاريخ بغداد ١/ ١٣٥، وابن كثير في البداية والنهاية ٧/ ٣٥٨، ٣٦٠، والمستدرك ٣/ ١٤١، =