ذكر بني أمية وقصدهم هدم مناقب أمير المؤمنين #
  وأخبر الله تعالى أنه قد رضي عن أصحاب الشجرة فعلم ما في قلوبهم، فهل حَدَّثَنَا أنه سخط عليهم بعد ذلك؟! قال: وقال عُمَرُ: يا نبي الله ائْذَنْ لي أن أضرب عنقه - يعني خاطبًا [بن أبي بلتعة]، قال: وكُنْتَ فَاعِلا؟! وما يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ على أهل بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ! انتهى(١).
  قوله: (انْتَدَوْا): جَلَسُوا في النَّادِي، وكذلك تَنَادَوْا، والنَّادِي، والنَّدِيُّ، والْمُنتَدَى والنَّدْوَةُ: مَجْلِسُ القوم، ومُتَحَدَّثُهُمْ، فَاسْتَعِيرَ لِلْمَكَانِ الذِي يَتَحَدَّثُونَ فيه؛ لأَنَّهُمُ اتَّخَذُوهُ لذلك، ولعله كان مُعَدًّا لذلك. وقوله: (شَرَى نَفْسَهُ): أي بَاعَها منه، ومنه قوله تعالى: {وَشَرَوۡهُ بِثَمَنِۭ بَخۡسٖ}[يوسف: ٢٠].
  وقوله: (أُفٍّ وتُفٌ): أي قَذَرْ لَهُ، يقال: أَفَّاً له وتفا، وأَفَةً وتَفَّةً، والتنوين للتنكير، ومنه قوله تعالى: {فَلَا تَقُل لَّهُمَآ أُفّٖ}[الإسراء: ٢٣]، وفيها سِتُّ لُغَاتِ حكاها الأخفش: أف بالكسرِ، والفتح، والضم دون تنوين، وبالثلاثة معه، قاله الجوهري [٢/ ٩]. وقوله: (يَتَضَوَّرُ): التَضَوُّرُ: الصِّيَاحُ والتَلَوِّي عند الضَّرْبِ، وإذا رَجَعْتَ إلى ما أسلفناه من أول شرح الأبيات من الفضائل والمزايا عَلِمْتَ صِدِّقَ قوله حفظه الله تعالى:
  جمعَتْ فِيهِ وفِيْهِمْ فُرْقَتْ ... فَلِهَذَا فَوْقَهُمْ صَارَ عَلِيَّا
  وفي معناه:
  وفِيهِ الَّذِي فِيْهِمْ مِنَ الْفَضْلِ كُلِّهِ ... وَلَيْسَ الَّذِي فِيْهِ مِنَ الْفَضْلِ يُوجَدُ
  وفي معناه أيضًا قول من قال فيه #:
  مَنْ فِيْهِ مَا فِي جَمِيعِ النَّاسِ كُلِّهِم ... وَلَيْسَ فِي النَّاسِ مَا فِيْهِ مِنَ الْحَسَنِ
  وصدق أيضًا قوله حماه الله:
  ٧١ - نَالَ مَا قَدْ نَالَ كُلِّ مِنْهُمُ ... وَالَّذِي سَابَقَهُ عَادَ بَطِيَّا
(١) مسند أحمد ١/ ٧٠٨ رقم ٣٠٦٢، وفضائل الصحابة ٢/ ٨٤٩ رقم ١١٦٨، والمستدرك ٣/ ١٣٢، وقال: صحيح، ووافقه الذهبي، والطبراني في الكبير ١٢/ ٩٧ رقم ١٢٥٩٣، والنسائي ٥/ ١١٢ رقم ٨٤٠٩.