سورة يونس
  والإيمان الذي لم يقرن بالعمل الصالح فصاحبه لا توفيق له ولا نور. قلت: الأمر كذلك. ألا ترى كيف أوقع الصلة مجموعا فيها بين الإيمان والعمل، كأنه قال: إنّ الذين جمعوا بين الإيمان والعمل الصالح، ثم قال: بإيمانهم، أى بإيمانهم هذا المضموم إليه العمل الصالح، وهو بين واضح لا شبهة فيه {دَعْواهُمْ} دعاؤهم، لأن «اللهمّ» نداء لله ومعناه: اللهمّ إنا نسبحك، كقول القانت في دعاء القنوت: اللهمّ إياك نعبد ولك نصلى ونسجد. ويجوز أن يراد بالدعاء: العبادة {وَأَعْتَزِلُكُمْ وَما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ} على معنى أن لا تكليف في الجنة ولا عبادة، وما عبادتهم إلا أن يسبحوا الله ويحمدوه، وذلك ليس بعبادة، إنما يلهمونه فينطقون به تلذذاً بلا كلفة، كقوله تعالى {وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكاءً وَتَصْدِيَةً}. {وَآخِرُ دَعْواهُمْ} وخاتمة دعائهم الذي هو التسبيح {أَنِ} يقولوا {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ}. ومعنى {وَتَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ} أنّ بعضهم يحيى بعضا بالسلام. وقيل: هي تحية الملائكة إياهم، إضافة للمصدر إلى المفعول. وقيل: تحية الله لهم. وأن هي المخففة من الثقيلة، وأصله: أنه الحمد لله، على أن الضمير للشأن، كقوله:
  أَنْ هالِكٌ كُلُّ مَنْ يَحْفَى وَيَنْتَعِلُ
  وقرئ: أنّ الحمد لله، بالتشديد ونصب الحمد.
  {وَلَوْ يُعَجِّلُ اللهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ ١١}
  أصله {وَلَوْ يُعَجِّلُ اللهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ} تعجيله لهم الخير، فوضع {اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ} موضع تعجيله لهم الخير إشعاراً بسرعة إجابته لهم وإسعافه بطلبتهم، حتى كأنّ استعجالهم بالخير