الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة يونس

صفحة 366 - الجزء 2

  حملت اللام في ليضلوا على التعليل، على أنهم جعلوا نعمة الله سبباً في الضلال، فكأنهم أوتوها ليضلوا. وقوله {فَلا يُؤْمِنُوا} عطف على ليضلوا. وقوله {رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ} دعاء معترض بين المعطوف والمعطوف عليه. وقرأ الفضل الرقاشي: أإنك آتيت؟ على الاستفهام، واطمس بضم الميم.

  {قالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما فَاسْتَقِيما وَلا تَتَّبِعانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ٨٩}

  قرئ: دعواتكما. قيل: كان موسى يدعو وهرون يؤمّن. ويجوز أن يكونا جميعاً يدعوان. والمعنى: إنّ دعاء كما مستجاب، وما طلبتما كائن ولكن في وقته {فَاسْتَقِيما} فاثبتا على ما أنتما عليه من الدعوة والزيادة في إلزام الحجة، فقد لبث نوح # في قومه ألف عام إلا قليلا ولا تستعجلا. قال ابن جريج: فمكث موسى بعد الدعاء أربعين سنة {وَلا تَتَّبِعانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} أى لا تتبعا طريق الجهلة بعادة الله في تعليقه الأمور بالمصالح، ولا تعجلا فإن العجلة ليست بمصلحة. وهذا كما قال لنوح # {إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ} وقرئ: ولا تتبعان، بالنون الخفيفة، وكسرها لالتقاء الساكنين تشبيهاً بنون التثنية، وبتخفيف التاء من تبع.

  {وَجاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً حَتَّى إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ٩٠}

  قرأ الحسن: وجوزنا من أجاز المكان وجوزه وجاوزه، وليس من جوز الذي في بيت الأعشى:

  وَإذَا تَجَوَّزْنَا حِبَالَ قَبِيلَةٍ