الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة هود #

صفحة 387 - الجزء 2

  {وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ} واطمأنوا إليه وانقطعوا إلى عبادته بالخشوع والتواضع من الخبت وهي الأرض المطمئنة. ومنه قولهم للشيء: الدنئ الخبيت. قال:

  يَنْفَعُ الطَّيِّبُ الْقَلِيلُ مِنَ الرِّزْ ... قِ وَلَا يَنْفَعُ الْكَثِيرُ الْخَبِيتُ

  وقيل: التاء فيه بدل من الثاء.

  {مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلاً أَفَلا تَذَكَّرُون ٢٤}

  شبه فريق الكافرين بالأعمى والأصم، وفريق المؤمنين بالبصير والسميع وهو من اللف والطباق. وفيه معنيان: أن يشبه الفريق تشبيهين اثنين، كما شبه امرؤ القيس قلوب الطير بالحشف والعناب، وأن يشبهه بالذي جمع بين العمى والصمم، أو الذي جمع بين البصر والسمع. على أن تكون الواو في {وَالْأَصَمِ} وفي {وَالسَّمِيعِ} لعطف الصفة على الصفة، كقوله:

  الصَّابِحِ فَالْغَانِمِ فَالآيِبِ

  {هَلْ يَسْتَوِيانِ} يعنى الفريقين {مَثَلاً} تشبيهاً.

  {وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ ٢٥ أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلاَّ اللهَ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ ٢٦}

  أى أرسلنا نوحاً بأنى لكم نذير. ومعناه أرسلناه ملتبساً بهذا الكلام، وهو قوله {إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ} بالكسر، فلما اتصل به الجارّ فتح كما فتح في {كَأَنْ} والمعنى على الكسر،