سورة يوسف
  {وَما أَكْثَرُ النَّاسِ} يريد العموم، كقوله {وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ} وعن ابن عباس رضى الله عنه. أراد أهل مكة، أى وما هم بمؤمنين {وَلَوْ حَرَصْتَ} وتهالكت على إيمانهم لتصميمهم على الكفر وعنادهم {وَما تَسْئَلُهُمْ} على ما تحدثهم به وتذكرهم أن ينيلوك منفعة وجدوى، كما يعطى حملة الأحاديث والأخبار {إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ} عظة من الله {لِلْعالَمِينَ} عامة، وحث على طلب النجاة على لسان رسول من رسله.
  {وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْها وَهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ ١٠٥}
  {مِنْ آيَةٍ} من علامة ودلالة على الخالق وعلى صفاته وتوحيده {يَمُرُّونَ عَلَيْها} ويشاهدونها وهم معرضون عنها لا يعتبرون بها. وقرئ «والأرض» بالرفع على الابتداء، ويمرون عليها: خبره. وقرأ السدّى «والأرض» بالنصب على: ويطؤن الأرض يمرّون عليها.
  وفي مصحف عبد الله: والأرض يمشون عليها، برفع الأرض، والمراد ما يرون من آثار الأمم الهالكة وغير ذلك من العبر.
  {وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلاَّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ ١٠٦}
  {وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ} في إقراره بالله وبأنه خلقه وخلق السموات والأرض، إلا وهو مشرك بعبادته الوثن، وعن الحسن: هم أهل الكتاب معهم شرك وإيمان. وعن ابن عباس ®: هم الذين يشبهون الله بخلقه.
  {أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غاشِيَةٌ مِنْ عَذابِ اللهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ ١٠٧}
  {غاشِيَةٌ} نقمة تغشاهم. وقيل: ما يغمرهم من العذاب ويجللهم. وقيل: الصواعق.
  {قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحانَ اللهِ وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ١٠٨}
  {هذِهِ سَبِيلِي} هذه السبيل التي هي الدعوة إلى الإيمان والتوحيد سبيلي. والسبيل والطريق: يذكران ويؤنثان، ثم فسر سبيله بقوله {أَدْعُوا إِلَى اللهِ عَلى بَصِيرَةٍ} أى أدعو إلى دينه مع حجة واضحة غير عمياء. و {أَنَا} تأكيد للمستتر في {أَدْعُوا}. {وَمَنِ اتَّبَعَنِي} عطف عليه. يريد: أدعو إليها أنا، ويدعو إليها من اتبعنى. ويجوز أن يكون {أَنَا} مبتدأ، و {عَلى بَصِيرَةٍ} خبرا مقدّما، و {مَنِ اتَّبَعَنِي} عطفاً على {أَنَا} إخباراً مبتدأ بأنه ومن اتبعه على حجة