الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة إبراهيم

صفحة 556 - الجزء 2

  المقول محذوف، لأن جواب {قُلْ} يدل عليه، وتقديره {قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا} أقيموا الصلاة وأنفقوا {يُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُنْفِقُوا} وجوزوا أن يكون يقيموا وينفقوا، بمعنى: ليقيموا ولينفقوا، ويكون هذا هو المقول، قالوا: وإنما جاز حذف اللام، لأنّ الأمر الذي هو {قُلْ} عوض منه، ولو قيل: يقيموا الصلاة وينفقوا ابتداء بحذف اللام، لم يجز. فإن قلت: علام انتصب {سِرًّا وَعَلانِيَةً}؟ قلت: على الحال، أى: ذوى سرّ وعلانية، بمعنى: مسرين ومعلنين. أو على الظرف، أى وقتى سر وعلانية، أو على المصدر، أى: إنفاق سر وإنفاق علانية، المعنى: إخفاء المتطوع به من الصدقات والإعلان بالواجب: والخلال: المخالة. فإن قلت: كيف طابق الأمر بالإنفاق وصف اليوم بأنه {لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خِلالٌ}؟ قلت: من قبل أنّ الناس يخرجون أَموالهم في عقود المعاوضات، فيعطون بدلا ليأخذوا مثله، وفي المكارمات ومهاداة الأصدقاء ليستجروا بهداياهم أَمثالها أو خيراً منها. وأمّا الإنفاق لوجه الله خالصا كقوله {وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى} فلا يفعله إلا المؤمنون الخلص، فبعثوا عليه ليأخذوا بدله في يوم لا بيع فيه ولا خلال، أى: لا انتفاع فيه بمبايعة ولا بمخالة، ولا بما ينفقون به أَموالهم من المعاوضات والمكارمات، وإنما ينتفع فيه بالإنفاق لوجه الله. وقرئ: لا بيع فيه ولا خلال، بالرفع.

  {اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهارَ ٣٢ وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ ٣٣