سورة الحجر
  للذكر، أى: مثل ذلك السلك، ونحوه: نسلك الذكر في {قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ} على معنى أنه يلقيه في قلوبهم مكذباً مستهزآً به غير مقبول، كما لو أنزلت بلئيم حاجة فلم يجبك إليها فقلت: كذلك أنزلها باللئام، تعنى مثل هذا الإنزال أنزلها بهم مردودة غير مقضية. ومحل قوله {لا يُؤْمِنُونَ بِهِ} النصب على الحال، أى غير مؤمن به. أو هو بيان لقوله {كَذلِكَ نَسْلُكُهُ}. {سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ} طريقتهم التي سنها الله في إهلاكهم حين كذبوا برسلهم وبالذكر المنزل عليهم، وهو وعيد لأهل مكة على تكذيبهم.
  {وَلَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً مِنَ السَّماءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ ١٤ لَقالُوا إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ ١٥}
  قرئ {يَعْرُجُونَ} بالضم والكسر. و {سُكِّرَتْ} حيرت أو حبست من الإبصار، من السكر أو السكر. وقرئ: سكرت بالتخفيف أى حبست كما يحبس النهر من الجري. وقرئ: سكرت من السكر، أى حارت كما يحار السكران. والمعنى أنّ هؤلاء المشركين بلغ من غلوهم في العناد: أن لو فتح لهم باب من أبواب السماء، ويسر لهم معراج يصعدون فيه إليها، ورأوا من العيان ما رأوا، لقالوا: هو شيء نتخايله لا حقيقة له، ولقالوا قد سحرنا محمد بذلك. وقيل: الضمير للملائكة، أى: لو أريناهم الملائكة يصعدون في السماء عياناً لقالوا ذلك. وذكر الظلول ليجعل عروجهم بالنهار ليكونوا مستوضحين لما يرون. وقال: إنما، ليدل على أنهم يبتون القول بأنّ ذلك ليس إلا تسكيراً للأبصار.