سورة الحجر
  الوحى أو العذاب. و {إِذاً} جواب وجزاء، لأنه جواب لهم وجزاء لشرط مقدر تقديره: ولو نزلنا الملائكة ما كانوا منظرين وما أخر عذابهم.
  {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ ٩}
  {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ} رد لإنكارهم واستهزائهم في قولهم {يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ} ولذلك قال: إنا نحن، فأكد عليهم أنه هو المنزل على القطع والبتات، وأنه هو الذي بعث به جبريل إلى محمد ÷ وبين يديه ومن خلفه رصد، حتى نزل وبلغ محفوظا من الشياطين وهو حافظه في كل وقت من كل زيادة ونقصان وتحريف وتبديل، بخلاف الكتب المتقدمة، فإنه لم يتول حفظها. وإنما استحفظها الربانيين والأحبار فاختلفوا فيما بينهم بغيا فكان التحريف ولم يكل القرآن إلى غير حفظه. فإن قلت: فحين كان قوله {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ} رداً لإنكارهم واستهزائهم، فكيف اتصل به قوله {وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ}؟ قلت: قد جعل ذلك دليلا على أنه منزل من عنده آية، لأنه لو كان من قول البشر أو غير آية لتطرق عليه الزيادة والنقصان كما يتطرق على كل كلام سواه. وقيل: الضمير في {لَهُ} لرسول الله ÷ كقوله تعالى {وَاللهُ يَعْصِمُكَ}.
  {وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ ١٠ وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ ١١}
  {فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ} في فرقهم وطوائفهم. والشيعة: الفرقة إذا اتفقوا على مذهب وطريقة. ومعنى أرسلناه فيهم: نبأناه فيهم وجعلناه رسولا فيما بينهم {وَما يَأْتِيهِمْ} حكاية حال ماضية، لأنّ «ما» لا تدخل على مضارع إلا وهو في معنى الحال، ولا على ماض إلا وهو قريب من الحال.
  {كَذلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ ١٢ لا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ ١٣}
  يقال: سلكت الخيط في الإبرة، وأسلكته إذا أدخلته فيها ونظمته. وقرئ: نسلكه،