سورة الحجر
  يقول خاصة الملك: دبرنا كذا وأمرنا بكذا، والمدبر والآمر هو الملك لا هم، وإنما يظهرون بذلك اختصاصهم وأنهم لا يتميزون عنه. وقرئ: قدرنا، بالتخفيف.
  {فَلَمَّا جاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ ٦١ قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ ٦٢ قالُوا بَلْ جِئْناكَ بِما كانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ ٦٣ وَأَتَيْناكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّا لَصادِقُونَ ٦٤ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبارَهُمْ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ ٦٥ وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ ٦٦}
  {مُنْكَرُونَ} أى تنكركم نفسي وتنفر منكم، فأخاف أن تطرقوني بشرّ، بدليل قوله {بَلْ جِئْناكَ بِما كانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ} أى ما جئناك بما تنكرنا لأجله، بل جئناك بما فيه فرحك وسرورك وتشفيك من عدوّك، وهو العذاب الذي كنت تتوعدهم بنزوله، فيمترون فيه ويكذبونك {بِالْحَقِ} باليقين من عذابهم {وَإِنَّا لَصادِقُونَ} في الإخبار بنزوله بهم. وقرئ: فأسر، بقطع الهمزة ووصلها، من أسرى وسرى. وروى صاحب الإقليد: فسر، من السير والقطع في آخر الليل. قال:
  افْتَحِى الْبَابَ وَانْظُرِى فِى النُّجُومِ ... كَمْ عَلَيْنَا مِن قِطعِ لَيْلٍ بَهِيمِ
  وقيل: هو بعد ما يمضى شيء صالح من الليل. فإن قلت: ما معنى أمره باتباع أدبارهم ونهيهم عن الالتفات؟ قلت قد بعث الله الهلاك على قومه، ونجاه وأهله إجابة لدعوته عليهم، وخرج مهاجراً فلم يكن له بدّ من الاجتهاد في شكر الله وإدامة ذكره وتفريغ باله لذلك، فأمر بأن يقدّمهم لئلا يشتغل بمن خلفه قلبه، وليكون مطلعاً عليهم وعلى أحوالهم، فلا تفرط منهم التفاتة احتشاماً منه ولا غيرها من الهفوات في تلك الحال المهولة المحذورة، ولئلا يتخلف منهم