سورة الحجر
  أحد لغرض له فيصيبه العذاب، وليكون مسيره مسير الهارب الذي يقدّم سربه ويفوت به، ونهوا عن الالتفات لئلا يروا ما ينزل بقومهم من العذاب فيرقوا لهم، وليوطنوا نفوسهم على المهاجرة ويطيبوها عن مساكنهم، ويمضوا قدماً غير ملتفتين إلى ما وراءهم كالذي يتحسر على مفارقة وطنه فلا يزال يلوى إليه أخادعه، كما قال:
  تَلَفَّتُّ نَحْوَ الحَىّ حَتّي وَجَدتُنِى ... وَجِعْتُ مِنَ الإِصْغَاءِ لِيتاً وَأَخْدَعَا
  أو جعل النهى عن الالتفات كناية عن مواصلة السير وترك التواني والتوقف، لأنّ من يلتفت لا بدّ له في ذلك من أدنى وقفة {حَيْثُ تُؤْمَرُونَ} قيل: هو مصر، وعدّى {وَامْضُوا} إلى {حَيْثُ} تعديته إلى الظرف المبهم، لأن {حَيْثُ} مبهم في الأمكنة، وكذلك الضمير في {تُؤْمَرُونَ} وعدى {قَضَيْنا} بإلى لأنه ضمن معنى: أوحينا، كأنه قيل: وأوحينا إليه مقضياً مبتوتاً. وفسر {ذلِكَ الْأَمْرَ} بقوله {أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ} وفي إبهامه وتفسيره تفخيم للأمر وتعظيم له. وقرأ الأعمش: إن، بالكسر على الاستئناف، كأن قائلا قال: أخبرنا عن ذلك