الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة الإسراء

صفحة 659 - الجزء 2

  العاق ما يشاء أن يفعل فلن يدخل الجنة» وروى سعيد بن المسيب: إنّ البارّ لا يموت ميتة سوء. وقال رجل لرسول الله ÷: إنّ أبوىّ بلغا من الكبر أنى ألى منهما ما وليا منى في الصغر، فهل قضيتهما؟ قال: لا، فإنهما كان يفعلان ذلك وهما يحبان بقاءك، وأنت تفعل ذلك وأنت تريد موتهما. وشكا رجل إلى رسول الله أباه وأنه يأخذ ماله، فدعا به فإذا شيخ يتوكأ على عصا، فسأله فقال: إنه كان ضعيفاً وأنا قوى، وفقيراً وأنا غنىّ، فكنت لا أمنعه شيئاً من مالى، واليوم أنا ضعيف وهو قوى، وأنا فقير وهو غنىّ، ويبخل علىّ بماله، فبكى رسول الله ÷ وقال: ما من حجر ولا مدر يسمع هذا إلا بكى، ثم قال للولد: أنت ومالك لأبيك، أنت ومالك لأبيك. وشكا إليه آخر سوء خلق أمّه فقال: لم تكن سيئة الخلق حين حملتك تسعة أشهر؟ قال: إنها سيئة الخلق. قال: لم تكن كذلك حين أرضعتك حولين؟ قال إنها سيئة الخلق. قال: لم تكن كذلك حين أسهرت لك ليلها وأظمأت نهارها؟ قال: لقد جازيتها. قال: ما فعلت؟ قال: حججت بها على عاتقي. قال: ما جزيتها ولو طلقة وعن ابن عمر أنه رأى رجلا في الطواف يحمل أمّه ويقول:

  إنِّى لَهَا مَطِيَّةٌ لَا تُذْعَرُ ... إذَا الرِّكَابُ نَفَرَتْ لَا تَنْفِرُ

  مَا حَمَلَتْ وَأَرْضَعَتْنِى أَكْثَرُ ... اللهُ رَبِّى ذُو الْجَلَالِ الأَكْبَرُ