الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة الإسراء

صفحة 681 - الجزء 2

  ومنزلتهم عند الله منزلتهم. والعجب من المجبرة كيف عكسوا في كل شيء وكابروا، حتى جسرتهم عادة المكابرة على العظيمة التي هي تفضيل الإنسان على الملك، وذلك بعد ما سمعوا تفخيم الله أمرهم وتكثيره مع التعظيم ذكرهم، وعلموا أين أسكنهم، وأنى قربهم، وكيف نزلهم من أنبيائه منزلة أنبيائه من أممهم، ثم جرّهم فرط التعصب عليهم إلى أن لفقوا أقوالا وأخبارا منها: قالت الملائكة: ربنا إنك أعطيت بنى آدم الدنيا يأكلون منها ويتمتعون ولم تعطنا ذلك، فأعطناه في الآخرة. فقال: وعزتي وجلالي، لا أجعل ذرّية من خلقت بيدي كمن قلت له كن فكان. ورووا عن أبى هريرة أنه قال: لمؤمن أكرم على الله من الملائكة الذين عنده. ومن ارتكابهم أنهم فسروا {كَثِيرٍ} بمعنى «جميع» في هذه الآية، وخذلوا حتى سلبوا الذوق فلم يحسوا ببشاعة قولهم: وفضلناهم على جميع ممن خلقنا، على أن معنى قولهم «على