الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة الإسراء

صفحة 701 - الجزء 2

  أناجى ربى وقد علم حاجتي، وكان عمر ¥ يرفع صوته ويقول: أزجر الشيطان وأوقظ الوسنان، فأمر أبا بكر أن يرفع قليلا وعمر أن يخفض قليلا. وقيل: معناه ولا تجهر بصلاتك كلها ولا تخافت بها كلها، وابتغ بين ذلك سبيلا بأن تجهر بصلاة الليل وتخافت بصلاة النهار. وقيل {بِصَلاتِكَ} بدعائك. وذهب قوم إلى أنّ الآية منسوخة بقوله {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً} وابتغاء السبيل: مثل لانتحاء الوجه الوسط في القراءة {وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِ} ناصر من الذل ومانع له منه لاعتزازه به، أو لم يوال أحدا من أجل مذلة به ليدفعها بموالاته.

  {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً ١١١}

  فإن قلت: كيف لاق وصفه بنفي الولد والشريك والذل بكلمة التحميد؟ قلت: لأنّ من هذا وصفه هو الذي يقدر على إيلاء كل نعمة، فهو الذي يستحق جنس الحمد، وكان النبي ÷ إذا أفصح الغلام من بنى عبد المطلب علمه هذه الآية.

  عن رسول الله ÷ «من قرأ سورة بنى إسرائيل فرقّ قلبه عند ذكر الوالدين كان له قنطار في الجنة، والقنطار ألف أوقية ومائتا أوقية». رزقنا الله بفضله العميم وإحسانه الجسيم.