الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سورة فاتحة الكتاب

صفحة 10 - الجزء 1

  ومعناه الإشارة إلى ما يعرفه كل أحد من أنّ الحمد ما هو، والعراك ما هو، من بين أجناس الأفعال. والاستغراق الذي يتوهمه كثير من الناس وهم منهم. وقرأ الحسن البصري: (الحمد لله) بكسر الدال لإتباعها اللام. وقرأ إبراهيم بن أبى عبلة: (الحمد لله) بضم اللام لإتباعها الدال، والذي جسرهما على ذلك - والإتباع إنما يكون في كلمة واحدة كقولهم منحدر الجبل ومغيرة - تنزل الكلمتين منزلة كلمة لكثرة استعمالهما مقترنتين، وأشف القراءتين قراءة إبراهيم حيث جعل الحركة البنائية تابعة للإعرابية التي هي أقوى، بخلاف قراءة الحسن.

  الرب: المالك. ومنه قول صفوان لأبى سفيان: لأن يربني رجل من قريش أحب إلىّ من أن يربني رجل من هوازن. تقول: ربه يربه فهو رب، كما تقول: نمّ عليه ينمّ فهو نمّ. ويجوز أن يكون وصفاً بالمصدر للمبالغة كما وصف بالعدل، ولم يطلقوا الرب إلا في الله وحده، وهو في غيره على التقيد بالإضافة، كقولهم: رب الدار، ورب الناقة، وقوله تعالى: {ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ}، {إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ}. وقرأ زيد بن على ®: (رب العالمين) بالنصب على المدح، وقيل بما دل عليه {الْحَمْدُ لِلَّهِ}، كأنه قيل: نحمد الله رب العالمين.

  العالم: اسم لذوي العلم من الملائكة والثقلين، وقيل: كل ما علم به الخالق من الأجسام