سورة طه
  إليه. ومنه بيت زهير:
  وعادك أن تلاقيها عداء
  فيتعدى إلى مفعولين. ووجه ثالث حسن: وهو أن يكون {سَنُعِيدُها} مستقلا بنفسه غير متعلق بسيرتها، بمعنى أنها أنشئت أوّل ما أنشئت عصا، ثم ذهبت وبطلت بالقلب حية، فسنعيدها بعد ذهابها كما أنشأناها أوّلا. ونصب سيرتها بفعل مضمر، أى: تسير سيرتها الأولى: يعنى سنعيدها سائرة سيرتها الأولى حيث كنت تتوكأ عليها ولك فيها المآرب التي عرفتها.
  {وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلى جَناحِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرى ٢٢ لِنُرِيَكَ مِنْ آياتِنَا الْكُبْرى ٢٣}
  قيل لكل ناحيتين: جناحان، كجناحى العسكر لمجنبتيه، وجناحا الإنسان: جنباه، والأصل المستعار منه جناحا الطائر. سميا جناحين لأنه يجنحهما عند الطيران. والمراد إلى جنبك تحت العضد، دل على ذلك قوله {تَخْرُجْ}. السوء: الرداءة والقبح في كل شيء، فكنى به عن البرص كما كنى عن العورة بالسوأة، وكان جذيمة صاحب الزباء أبرص فكنوا عنه بالأبرش والبرص أبغض شيء إلى العرب، وبهم عنه نفرة عظيمة، وأسماعهم لاسمه مجاجة، فكان جديرا بأن يكنى عنه، ولا نرى أحسن ولا ألطف ولا أحز للمفاصل من كنايات القرآن وآدابه. يروى أنه كان آدم فأخرج يده من مدرعته بيضاء لها شعاع كشعاع الشمس يعشى البصر. {بَيْضاءَ} و {آيَةً} حالان معا. و {مِنْ غَيْرِ سُوءٍ} من صلة لبيضاء، كما تقول ابيضت من غير سوء، وفي نصب {آيَةً} وجه آخر، وهو أن يكون بإضمار نحو: خذ، ودونك، وما أشبه